مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 من غزة إلى الرئيس أوباما ... لا تنسى وصية ماما !!
...............................................................

عصام عبد العزيز

عصام عبد العزيز
........................


الرئيس الأمريكي أوباما دائماً ما يذكروالدته السيدة "ستانلي آن دونهام" بكل خير ويثني عليها بقوله "إن أفضل ما في شخصيتي يعود إليها وأنا مدين لها بذلك"، وفي كتابه المتميز "جُرأة الأمل" يقول: على شاكلة معظم القيم التي أتبناها، تعلمت التعاطف مع الآخرين من أمي، فقد كانت تزدري أي نوع من الفظاظة أو الخشونة أو إساءة استخدام السلطة... وكلما رأت إشارة ولو عابرة إلى مثل هذا السلوك لدي، كانت تنظر في وجهي مباشرة وتقول "ما شعورك لو تعرضت أنت لذلك؟" وأفهم هذه القاعدة الذهبية... كشيء يتطلب المزيد، دعوة وضع نفسي مكان شخص آخر ورؤية العالم بعينيه ( أو ما يدعى بالتقمص العاطفي)... إنها معلم هاد يرشد سياساتي. هذه القاعدة الذهبية كان لها أكبر الأثر في تأسيس وتشكيل رؤى وأفكار ومواقف الرئيس أوباما الداخلية والخارجية ... والتي عبر عنها في كتابه "جُرأة الأمل" بلغة أدبية رفيعة المستوى وبمنطق عقلاني بسيط .

وخلال افتتاح أعمال الدورة السابعة لمنتدى أمريكا والعالم الإسلامي بالدوحة 13/2/2010م ، قال أوباما في رسالة فيديو للمؤتمر: "أريد تعميق الشراكة مع العالم الإسلامي.. وأنا فخور بأن أعلن اليوم أن بلدي قررت تعيين مبعوث خاص إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو رشاد حسين المسئول في البيت الأبيض، والمحامي البارع الذي لعب دورا رئيسيا في تطوير الشراكات التي دعوت إليها في القاهرة".

وعبر هذا المنبر الحر في 2/6/2009م في مقال لي بعنوان " من سياتل العرب... إلى الرئيس أوباما" أثناء زيارته للقاهرة قلنا له فيه "لا تنتظروا من المسلمين والعرب خاصة علاقات طبيعية ما لم يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتعاد له حقوقه وأرضه. والأمر كما قال لكم رئيس الوزراء المنتخب إسماعيل هنية في رسالته إليكم " إن البوابة الوحيدة إلى العالم الإسلامي هي عبر فلسطين.وبوابة العالم الإسلامي وهي فلسطين معروفة جيدا، ومفتاحها هو العدالة والحرية للفلسطينيين".

وها هو العام الأول من رئاسة الرئيس أوباما قد انقضى دون أن نرى خطوات ملموسة على الأرض بل إن الأمر زاد صعوبة فلا الرحلات المكوكية التي يقوم بها مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل بين العواصم العربية والدولة الصهيونية أسفرت عن شيء... ولا"النتن ياهو" استجاب لطلبه بوقف بناء المستوطنات بل أعلن عن مشروعات توسعية أخرى جديدة تستهدف في المقام الأول تهويد القدس وإشعال المنطقة... خيبة الأمل هذه أكدت عليها هيلاري كلينتون في المنتدى المشار إليه عندما قالت "بأن الكثيرين يشعرون بخيبة أمل من عدم التوصل لحل للصراع، وشددت على أن بلادها تدعم التوصل لحل، "لكنها لا يمكنها أن تفرض حلا، بل على الفرقاء أن يجدوا حلا لهم، وواشنطن ستدعمهم..."، واستخفافاً بالعقول واستمراراً لسياسة الكيل بمكيالين... كشفت هيلاري كلينتون في نفس الكلمة وقبل أن ينسى الحاضرون هذا الدرس البليغ في الحياد الإيجابي... عن سعي بلادها مع "شركاء إقليميين ودوليين" لإعداد وتطبيق إجراءات جديدة لإقناع إيران بتغيير "سياستها الاستفزازية"، مهددة إيران "بدفع ثمن باهظ"، وأكدت أن هناك أدلة متزايدة على أن إيران تسعى للحصول على سلاح نووي... ولا أدري ما الذي منع الحاضرين من سؤال هيلاري كيلنتون عن الأسباب التي تمنع أمريكا من السعي مع "شركاء إقليميين ودوليين" أيضاً لتطبيق قرارات الأمم المتحدة المجمع عليها بخصوص فلسطين؟ ألم تنجح أمريكا من قبل في فرض إرادتها أينما ذهبت؟ بغض النظر عن شرف الوسيلة ونبل الغاية...

سيادة الرئيس أوباما... نحن على يقين من أن الوصول لحل سياسي يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة لن يتحقق إلا إذا امتلكت الشعوب العربية والإسلامية إرادتها ومن ثم قرارها وحريتها في اختيار قادتها... لكن الحل الإنساني للمحاصرين في غزة سيادة الرئيس لا يحتمل التأخير ولا الانتظار... ولاتوجد عقبة واحدة تحول دون تحقيقه على أيديكم... ما الذي يمنعكم من تطبيق قرارات قمة شرم الشيخ لرفع الحصار عن أكثر من مليون ونصف من البشر في غزة وإعادة إعمار ما دمرته يد الغدر والخيانة؟ ألا تكفي تقارير وشهادات المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية والتي صورت حجم المعاناة والمأساة التي تعيشها غزة جراء الحصار المفروض عليها قبل وبعد العدوان الصهيوني...!! ألم يخبرك الرئيس السابق جيمي كارتر؟

سيادة الرئيس ... تَذكر يوم استيقظت أنت ومشيل ذات ليلة على صوت بكاء ابنتكم ساشا كان عمرها لا يتجاوز ثلاثة أشهر... ورغم كل محاولتكم لتهدئتها ففي نهاية المطاف اتصلتم بالطبيب وكما قلت في كتابك"تبين أن الطفلة مصابة فعلاً بالتهاب السحايا لكنه من نوع يستجيب للمضادات الحيوية عبر الوريد، ولو لم تشخص حالتها بشكل صحيح وفي الوقت المناسب لفقدت ربما السمع أو تعرضت لخطر الموت ، وهكذا قضينا أنا وزوجتي ثلاثة أيام مع طفلتنا في المستشفى نراقب الممرضات يحملنها في حين يعالجها الأطباء بواسطة البزل القطني ونستمع لزعيقها ونصلي كي لا تسوء حالتها... ساشا سعيدة وبصحة جيدة الآن لكن مازلت أرتجف عندما أتذكر تلك الأيام الثلاثة ؟ كيف ضاق العالم أمامي وانحصر في نقطة واحدة ؟ وكيف فقدت الاهتمام بكل شيء وكل شخص خارج الجدران الأربعة لغرفة المستشفى عملي ومواعيدي وحتى مستقبلي" .

هذا المشهد سيادة الرئيس الإنسان والأب الرحيم جعلني أتوقف كثيراً أمامه وأعيش في ظلاله مشفقاً عليكم ومتعاطفاً معكم فمن ذاق عرف والأمر كما قلتم "حين يمرض طفلك لا تساوم ولاتبحث عن أفضل صفقة"... والشيء بالشيء يُذكر سيادة الرئيس ماذا تفعل لو كنت من أهل غزة؟ واستيقظت وقد فقدت كل شيء الأب والأم والأخوة والأخوات ومن بقي منهم سيعيش معاقاً على أطلال بيت أصبح أثراً بعد عين؟ ماذا كنت ستفعل؟

سيادة الرئيس في غزة كما رأيت بأم عينك وشاهد العالم أجمع وعلى الهواء مباشرة... استيقظ أكثر من مليون ونصف من البشر فجر27 ديسمبر 2008 على عدوان صهيوني همجي أسفر في اليوم الأول عن مقتل أكثر من 1450 فلسطينيا، بينهم 450 طفلا، وإصابة5200 آخرين، فضلا عن تدمير أكثر من 20ألفا من المنازل والمنشآت والمراكز الصحية، وأكثر من 300مدرسة... وبعد مرور عام على العدوان لا يزال أكثر من 35ألف شخص يعيشون في الخيام أو الملاجئ، وفقد أكثر من 120ألف وظيفتهم، وحوالي 75 في المئة من السكان نصفهم من الأطفال يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب الحصار، وأكثرمن100الف شخص لا يحصلون على مياه الشرب اطلاقاً ونصف السكان يحصلون على مياه ملوثة مالحة غير صالحة للشرب، كما أن توقف محطات معالجة مياه الصرف أدى لتوث المياه الجوفية والمزروعات، وتوقف محطات الكهرباء أدى إلى موت العديد من الأطفال في حضاناتهم وموت العديد من مرضى السرطان والفشل الكلوي والقلب بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية ... من المسؤول عن كل هذا؟

سيادة الرئيس... بعد أن أصبحت عضواً بمجلس الشيوخ "استأجرت شقة صغيرة من غرفة نوم واحدة لقضاء الليالي الثلاث من كل أسبوع وحيداً في واشنطن لحضور جلسات المجلس... وأجبرت نفسك على تذكر متع العزوبية... لكن ذلك لم يجد نفعاً فبعد أربعة عشر عاماً من الزواج وجدت نفسك مغرماً بالحياة العائلية وضعيفاً وعاجزاً في صباحك الأول في واشنطن ... وفي الليلة الثانية استيقظت على ألم حاد في رقبتك بسبب النوم على الأريكة، وسئمت الطعام السفري، واشتقت لسماع صوت البنتين متشوقاً لدفء عناقهما ورائحتهما الحلوة...

في سجون الاحتلال الصهيوني سيادة الرئيس... أكثر من 7400 معتقل فلسطيني وأسير منهم 107 امرأة، وعدد القاصرين في المعتقلات: 407 طفل ومراهق مضى على أكثرهم في الأسر أكثر من 25 عاماً لم ير فيها زوجته ولا استمع لصوت أولاده، ولا، ولا، ولا...

سيادة الرئيس ألم تقل في كتابك"إن الدين علمني أن أجلس في الكنيسة وأقرأ وأصلي كيفما أريد، لكني لا أستطيع أن أنفذ وصية الرب ما لم أخرج إلى أرض الواقع وأنفذ ماتعلمته" فهل تشديد الحصار على أهل غزة من وصايا الرب؟ لقد قمتم من قبل بحملة لإغاثة منكوبي إعصار كترينا ، وأمرتم بجسر جوي لإغاثة هايتي... ومأساة أهل غزة والتي مضى عليها أكثر من أربع سنوات بشهادة المنظمات الدولية حقائق لا يمكن تلفيقها أو تحريفها، فإثبات الحجة على أن المطر يهطل كما تقول "لا يحتاج إلا إلى الخروج إلى الهواء الطلق؟".

سيادة الرئيس تقول أنك : "فكرت بألفي سنة من الحروب التي شنت في هذه البقعة الصغيرة من الأرض وتأملت ملياً عبثية الاعتقاد بإمكانية حل هذا الصراع في عصر جيلنا الحالي وقدرة أمريكا على الرغم من قوتها الكاسحة على تحديد مسار الأحداث في العالم ... لكني لم أتشبث كثيراً بمثل هذه الأفكارفهي أفكاررجل عجوز فمهما بلغت صعوبة المهمة أعتقد أن من واجبنا الانخراط في جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط لا لفائدة شعوب المنطقة فحسب بل من أجل أمن وسلامة أطفالنا أيضاً".

سيادة الرئيس هل سيطرت عليك أفكار الرجل العجوز؟ ألا تخشى كما ذكرت في كتابك من أن تتحول إلى سياسي نمطي بوجهين ولسانين من النوع الشائع في الأفلام التلفزيونية الرديئة؟ يقول شيئاً خلال الحملة الانتخابية ويفعل نقيضه بعد الفوز ... تَذكر أن في السياسة يمكن أن تكرر العمل مرة ثانية لكن ليس فيها مكان إلا للأوائل.

سيادة الرئيس ماذا ستقول للأم الحنونة السيدة"ستانلي آن دونهام" التي علمتك "الصدق والأمانة والتعاطف مع الآخرين والأنضباط وتأخير الإشباع والجد والاجتهاد... وكان يغضبها الفقر والظلم وتزدري أولئك الذي لا يبالون بهما..." هل ستقول لها أنك بدلاً من رفع الحصار عن أهل غزة... أمرت حكومتك بتحمل نفقات بناء جدار فولاذي تحت الأرض وحاجز مائي بين مصر وغزة لتشديد الحصارعلى مليون ونصف إنسان أهلكهم الجوع والمرض وظلم ذوي القربى؟ هل ستقول لها أن مبعوثك جورج ميتشل للشرق الأوسط عطل صفقة تبادل الأسرى بين الصهاينة وحماس كي لا تقرقلوب آباء وأمهات وزوجات وأطفال ابيضت عيونهم من الحزن وطول الانتظار؟ ماذا ستقول لها؟ وبماذا ستجيب؟ ألست القائل " إذا لم نكن على استعداد لدفع الثمن في سبيل قيمنا، فعلينا أن نسأل أنفسنا هل نؤمن بها حقاً".

وأخيراً سيادة الرئيس إن مهمة مبعوثك الخاص إلى منظمة المؤتمر الإسلامي المحامي رشاد حسين لتعميق الشراكة مع العالم الإسلامي... لن تنجح ولن ترى النور مالم تتحق العدالة والحرية للفلسطينيين ... لن تنجح ولن ترى النور مالم يُرفع الحصار عن غزة ... ولا شيء يمنعكم من ذلك... لا شيء سوى أن تنتقل من "جُرأة الأمل" إلى "جُرأة العمل" لا شيء سوى أن تتذكر وصية ماما "ما شعورك لو تعرضت أنت لذلك؟"

esamabdelaziz@gmail.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية