مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 محاكمة البشير... وعدالة إبراهيم عيسى وأيمن نور
...............................................................

عصام عبد العزيز
...................

عصام عبد العزيز

منذ أن صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ... طفقت مثل كل مصري وطني أتابع ردود أفعال النظام المصري بصفة خاصة والأنظمة العربية بصفة عامة على هذا القرار وما سيترتب عليه إن تم من مخاطر تهدد أمن مصر والعرب بالدرجة الأولى ... ظناً مني أن موقف هذه الأنظمة سيكون إيجابياً بكل تأكيد هذه المرة... خاصة الموقف المصري لما تمثله السودان من أهمية إستراتيجية للأمن القومي المصري ... ولن يكون بحال من الأحوال متخاذلاً مثلما حدث أثناء الهجوم الصهيوني على غزة ... والذي بعث في الأمل أكثر إذا أحسنا الظن هو التحرك المصري الأخير من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية ، وإعادة الروح للمثلث المصري السعودي السوري تمهيداً لإحياء التضامن العربي المنتظر في قمة الدوحة المقبلة... ولكن سرعان ما خاب ظني مع أول رد فعل عربي رسمي والذي اقتصر على الشجب والإدانة وتشكيل وفد من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي إلى مجلس الأمن لإعمال المادة السادسة عشرة من نظام روما للمحكمة لتأجيل القرار لمدة عام قابلة للتجديد... ومما زادني غماً على غم كان رد فعل النظام المصري إذ أعلنت الخارجية المصرية بعد موشحات الشجب والإدانة توجيه الدعوة لعقد اجتماع دولي بشأن دارفور كي ينتهي الأمر بتدويل مشكلة دارفور مثلما تم تدويل مشكلة جنوب السودان!!! والغريب أن هذه الدعوة تمت دون الرجوع في ذلك للسودان صاحب الشأن !!!! فما كان من السودان إلا أن رفض هذه الدعوة ورفض حضور هذا المؤتمر.

رغم خيبة ظني هذه إلا أنني كنت متفائلاً وظللت متعلقاً بالأمل وقلت في نفسي أكيد سيكون رد فعل الشعب المصري عموماً أفراداً ومؤسسات وقوى وطنية وحزبية.. مختلفاً وسيكون من القوة بحيث يجبر النظام والحكومة على اتخاذ مواقف أكثر إيجابية تحفظ لمصر أمنها وأمانها فلا حياة لمصر بدون السودان ، وإذا انهارت أو تفككت السودان فعلى مصر السلام.. هذا هو تاريخنا منذ سبعة آلاف سنة، ويردد العامة والخاصة مصر والسودان (هتة واحدة) وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان في مصر المحروسة ... ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ... فقد جاءت ردود أفعال هذه القوى في إطارها المعتاد ما بين مؤيد ومعارض: فحزب (أمريكا بيتنا) يتمنى اعتقال البشير وتفكك السودان اليوم قبل الغد، أما الأحزاب الوطنية والقوى الإسلامية فقد اكتفت ببيانات الشجب والإدانة وإرسال الوفود وهو موقف لا يسمن ولا يغني من جوع.. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم... ولكن المتغير الجديد هذه المرة على المشهد المصري هو تأييد زعيم حزب الغد الدكتور أيمن نور ، وإبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور لمحاكمة الرئيس البشير وهو أمر جدير بالتوقف أمامه وتحليله لأنه صدر عن أناس صدعوا رؤوسنا صباحاً ومساءً بأصواتهم الهادرة بأهمية محافظة مصر على أمنها القومي ودورها العربي ...

وطبقاً لنصيحة إبراهيم عيسى لنا في مقال سابق له قال فيه ( لا تصدق «الدستور» بسرعة، ولا أي صحيفة أو مجلة أخري، لاتسلم عقلك هكذا سريعًا، فكر وتدبر وحاور وناور وقاوح واتلامض وناقش وجادل كل سطر في كل صحيفة، فما أدراك، ربما نريد أن نسطو علي عقلك ونسيطر علي أفكارك فلا تسلمها لنا ببساطة...، ما يمكن إحنا فهلاوية أو لنا مصالح أو أغراض ولا بنشتغل من أجل جهة معينة...)، واستجابة مني لهذه النصيحة الغالية فكرت فيما كتبه بعنوان: (لا أصدق المظاهرات التي تخرج لتأييد عمر البشير في السودان! ) ، فإذا بي أرى السيد إبراهيم عيسى وقد تقطع قلبه حزناً وغماً وابيضت عيناه من الحزن على ضحايا البشير (مئات الآلاف من ضحايا العرب والمسلمين في دارفور واتنين مليون مهاجر ولاجئ... ويعتبر أن المظاهرات التي عمت أنحاء السودان من تدبير نظام البشير ومنافقوه ...، هذا رئيس غير ديمقراطي جاء بانقلاب عسكري ... ويدير البلد من حرب أهلية إلي حرب أهلية أخري.... ربما يقول البعض إن هناك دوائر في الشعب السوداني مستفيدة من حكم البشير أو مضحوك عليها بمزاعم أن الغرب يتآمر ضد السودان عندها نسأل يتآمر علي إيه؟...إلخ).

إبراهيم باشا قلت لي فكر وتدبر وحاور وقاوح واتلامض وناقش وجادل كل سطر... وها أنا ذا فعلت واكتشفت إنك فهلوي وصاحب مصلحة وتقلب الحق باطلاً والباطل حقاً... يا رجل ضحايا البشير مئات الآلاف ... في دارفور واتنين مليون مهاجر ولاجئ!! طبعاً أنت عدتهم مرة يدوياً ومرة بالحاسب الآلي!!! طيب إيه رأيك المدعي الجنائي الدولي عدهم زيك وقال إن عدد الضحايا ثلاثين ألفا ... مين فيكم بأه غنا له حليم (حلو وكداب) ، أبو خليل هل كل الذين تعاطفوا مع البشير منافقون ومن أصحابه؟ وهل البشير هو السبب في كل كوارث السودان ويقودها من حرب أهلية إلى حرب أهلية؟ وهل كل الوفود التي ذهبت إلى السودان من القوى الوطنية دعماً وتأييداً من أصحاب المصالح... وإذا كانت كل تحليلات المنصفين والخبراء تثبت بالأدلة والبراهين أن هذا القرار فصل من فصول المؤامرة على السودان!! تقول أنت يتآمرعلي إيه؟ عجيب... ألم تقرأ أي شيء عن أهمية السودان الإستراتيجية لمصر؟ ألم تشرب من ماء النيل ؟ ألم تقرأ أي شيء عن تاريخ الحرب الأهلية في السودان ومن الذي بذر بذرتها وسقاها حتى استوت على عودها؟ إن لم يكن في الجامعة فعلى المصطبة أو في الأهوه أو على الأقل في أي جرنال فأنت جرنالجي... ألم تقرأ عنها في كتب الشيعة التي تستقي منها معلوماتك عن الصحابة والتابعين؟ ياعم إبراهيم استنكرت بشدة رجم بوش إبليس العصر بالجزمه بعد أن شرد أكثر من خمسة ملايين عراقي وترك خلفه أكثر من ثلاثة ملايين طفل يتيم غير الأرامل وقتل وتشريد العلماء ... لقد أتى على بنيان العراق من القواعد... كل ذلك حسب مذهبك لا يستحق الرجم بالجزمه ... بحجة أن الرجل دخل العراق هو وجيشه بعهد آمان فهو كما قلت (مستأمن)... لذلك اعتبرت هذا العمل بمقالك (ياأمة ضحكت من جزمتها الأمم) بأنه (عمل شائن وحقير ومرفوض ومنبوذ وعاجز وجبان أيضا).. أما البشير الحاكم الوطني الذي يدافع عن وحدة أراضي السودان،وعن شريان الحياة لمصر،ويطارد عصابات متعاونة مع الصهاينة تعمل على حصار مصر من الجنوب... يستحق المحاكمة بتهمة الإبادة الجماعية لأنه ليس (مستأمن وفق مذهبكم) مش كده ولا إيه.. إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري (وأنت تدري) فالمصيبة أعظم....

أما الدكتور أيمن نور فبعد أن قرأت مقاله المنشور بشباكه بعنوان( لماذا تدافع مصرالرسمية عن الرئيس السوداني البشير؟!) أغمضت عيني وإذا بي أغط في نوم عميق ورأيت في منامي أن مصر بلد ديمقراطي ودولة مؤسسات بمعنى الكلمة ونجح أيمن نور في الانتخابات وتربع على عرش المحروسة ... وصدر قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ... وإذا بي أرى الرئيس أيمن نور يخرج علينا في زينته ويقول ما يلي :
باسم الشعب ... باسم الإنسانية ... باسم العدالة وحقوق الإنسان كان قرار مصر باعتقال مجرم الحرب عمر البشير وتسليمه للعدالة الدولية لأن ( أيدي البشير ونظامه ملوثة بدماء 35 ألف إنسان قتلوا بشكل مباشر بفعل هجمات شنتها قوات البشير... وفقاً للشرع، والقانون، والعقل لا يمكن إبراء ذمة البشير من هذه الدماء المسفوحة، والحقوق المهدورة، بوصفه الحاكم الفعلي...... )

أما الطابور الخامس هنا في بلدي في مصر والذي يعترض على قراري هذا أحب أن أذكره بما يلي :)ألم يكن البشير هو المتهم الأول في عملية التحريض علي محاولة اغتيال الرئيس (السابق) المصري في أديس أبابا؟!... ألم يكن هو أول من لوح بمراجعة اتفاقية 1959 الخاصة بتقسيم حصص المياه علي دول الحوض؟!.... أليس هو أيضاً أحد أطراف المعسكر الداعي لمزيد من التهميش لدور مصر وهو أيضاً الذي اختار التحاور مع الفصائل السودانية في ليبيا، وأخيراً في قطر مستبعداً دور مصر القديم في الشأن السوداني وخبراتها المتراكمة في هذا الشأن ومصالحها في أن تظل فاعلة في هذه المنطقة؟! ) وعند هذه النقطة قلت يانهار اسود دا نار مبارك ولا جنة أيمن نور واستيقظت منزعجاً واكتشفت أنها أضغاث أحلام وقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتفلت على يساري ثلاث مرات ... يادكتور أيمن يا رجل السياسة تهميش دور مصر الإقليمي والعربي والإسلامي بسبب البشير ؟؟ بأمارة إيه يادكتور ؟ بأمارة إن البشير وقف مع الأمريكان في غزو العراق ، ووقف مع الصهاينة أثناء العدوان على غزة رافضاً فتح معبر رفح حتى اليوم، وهو الذي استقبل سمير جعجع ورفض استقبال وفد اتحاد علماء المسلمين برئاسة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ... هذه هي الرؤية الإستراتيجية الثاقبة ؟ وهذه هي الحنكة السياسية؟ يادكتور فيه مثل يردده أبناء باب الشعرية " قال إيه اللي رماك على المر، قال اللي أمر منه"،
عزيزي دكتور أيمن أنصحك بما نصحتنا به في مقالك " صناعة السياسي" ( بالمال يمكنك أن تصنع نجمًا سينمائيًّا.. فكثير من المنتجين صنع نجومًا من عدم ولو لفترات محدودة..... يصورونه من زوايا تخفي عيوبه، وتبرز جماله، يضعون الابتسامة علي وجهه، ويضعون النكت علي لسانه فتحسبه الريحاني أوهنيدي... ! لكن (يادكتور) السياسة ليست سهلة كالسينما، فالناس في السياسة يبحثون عمَّا وراء الصورة وسرعان ما تنكشف الحقيقة، بعيدًا عن الأضواء، والكاميرات، والأموال والنصوص المكتوبة، والأخبار المكذوبة!!... والناس يادكتور كما قلت (لا يمكن أن يقبلوا علي السياسي لو كان رجلاً تافهًا، لاقيمة له، ولا فكر، ولا رأي، ولا موقف، ولا تاريخ، ولا مستقبل!!)
يادكتور ( لم يعد متصورًا أن مجتمعًا ينمو، أو يسعي للنمو الحقيقي ينفق علي قطاع من أبنائه ليكونوا أطباء أكفاء يعالجون مرضاه.. وينفق علي قطاع آخر ليكونوا مهندسين وبنَّائين مدربين.. وينفق علي غيرهم ليكونوا علماء وباحثين أو معلمين أو رجال مال أو محاسبين أو محامين، أو صنَّاعًا، أو كتابًا وصحفيين، أو مثقفين وفنانين، ثم يأتي في النهاية ويضع مصير هؤلاء جميعًا في يد جهلاء أو هواة ومغامرين يبحثون عن فرصة لتحقيق ذواتهم، ولو كان هذا علي حساب كل الوطن.. ومصالحه واحتياجاته!!) يادكتور وفق هذه المعايير التي وضعتها من هو السياسي الوطني ؟ الذي يقف مع السودان قلباً وقالباً أم من يطالب بتفكيكه وانهياره ؟
يقول أحمد مطر

أمس اتصلت بالأمل !
قلت له: هل ممكن أن يخرج العطر لنا من الفسيخ والبصل ؟
قال: أجل .
قلت: وهل يمكن أن تشعَل النار بالبلل ؟
قال: أجل .
قلت: وهل من الحنظل يمكن تقطير العسل ؟
قال: نعم .
قلت: وهل يمكن وضع الأرض في جيب زحل ؟
قال: نعم ، بلى ، أجل.. فكل شيء محتمل .
قلت: إذن حكام العرب سيشعرون يوما بالخجل ؟
قال: ابصق على وجهي إذا هذا حصل ..

esamabdelaziz@gmail.com

 

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية