مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 من تربية أُسريـّة قمعيّـة...لتحكّـم سلطويّ قمعي
...............................................................

 
مخلص الخطيب 

مخلص الخطيب
....................


مازال أطفالنا العرب يلدون في البيوت وأحيانا تـُولـّد أمهاتـُهم في المُستشفيات ..

أطفالنا يرضعون حليب أمهاتهم وينعمون بحب ورعاية والديهم وإخوتهم وأخواتهم وأقربائهم..

أطفالنا يترعرعون في أحضان أُمهاتهم وفي زوايا غرفهم ومساكنهم..

أطفالنا يُعالجون على طريقة تقليدية موروثة أو من قبل أطباء وأخصائيين..

أطفالنا يجترعون أدوية ابتيعت من الصيدلية، بوصفة طبيب أو بدون وصفة..

أطفالنا يعيشون سعداء أنقياء الروح، أينما كانوا وأيّا كان مستوى أهلهم الاجتماعي.

أطفالنا العرب يكبرون في أوساط عائلية محميّة من أب قوّام وأُم صبورة عطوف..

أطفالنا يتلقـنون من آبائهم وأقاربهم نفس ما تلقنه آباؤهم من أسلافهم..

أطفالنا يتعلمون ويرددون ببراءة، يوميا ودون فهم، عبارات دينية وسلوكية، تخرج من فم الكبار : خير وشر، جنة ونار، حلال وحرام..

أطفالنا يلعبون ويتسلون بفرح وسرور مع رفاق و رفيقات أزقـّتهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم.

أطفالنا العرب يتعلقون بأبناء أقاربهم وجيرانهم  ذكورا كانوا أم إناثا  ويقضون سويا من الأوقات ما لا يُنسى، أوقات مليئة بضحك ولهو وحب بريء، وبأخوّة خالية من كل فكرة مُبطـّنة..

أطفالنا يرثون نفس التـّركات الدينية والاجتماعية، كآبائهم وأجدادهم وأسلافهم، مهما اختلفت مراكزهم الاجتماعية..

أطفالنا يُمنعون داخل أُسرهم من ترديد ما لا يُردّد والقناعة بما لا يُقنع ! وفقا لمبادئ الآباء والأجداد طبعا..

أطفالنا يحملون في جعبتهم معايير قابلة للاجترار قبل انتقالهم إلى الخارج، جو المدرسة..

أطفالنا يُصنـّفون داخ ل أُسرهم : خجول، مُتحفـّظ، غير اجتماعي، مُنفتح، قبل التحاقهم بأُسرتهم الثانية، المدرسة..

أطفالنا يتربون في جو أُسري وفي محيط عائلي وعلاقاتي، حتى السادسة من العمر..

أطفالنا لا يختلفون عن آبائهم وأجدادهم وأسلافهم إلاّ بالسن، وبالتالي يمكن تأكيد حقيقة مؤلمة مُؤسفة :

أن التـّباين والاختلاف بين أجيال بلادنا شبه معدوم.

* فلماذا لا تتم تربية أولادنا كأطفال يُسمعون ويُفهمون بجدّية، كون حياتهم تختلف عن حياة الكبار ؟

* لماذا لا يُتاح لهم جدّيا التعبير عمّا يرغبون، وفق أعمارهم ونسب تفكيرهم وبكلماتهم " هم " ؟

* لماذا يُلقـّـنون ما لا يفهمون من روحيات، بدل تشجيعهم على تشغيل عقولهم ليفهموا ما يحوم حولهم ؟

ليس صعبا على راعييْ الأسرة الإنـْصات لما يقوله الطـّفل، لفهمه، ولعدم "حشو" دماغه !

يتساءل أطفالنا العرب بسذاجة وسلامة نية عن مبرر عزل الرفيق أو الجار الصّبي عن الرفيقة أو الجارة البنت في بعض الدول العربية، والبارحة كانوا جميعا يلعبون ويمرحون معا.

عزل أطفال الجنسيْن يتمُّ بوضعهم، في بعض الدول العربية : إما بالمدارس غير المُختلفة مدارس للبنات وأُخرى للبنين أو بنفس الصف، في المدارس "المُختلطة"، لكن جهة للبنات وأُخرى للبنين.

أطفالنا يتمرّدون ببراءة على ما يُفرض عليهم من أُناس لا تربطهم بهم أية صلة، يتمرّدون على سلطة من لم يتعودوا عليهم، كسلطة المعلم(ة)، لا يستوعبون ما يعتبرونه استقالة والديهم من مسؤولياتهم.

لكن هذا التمرّد يزول حين تبدأ عقولهم الاستيعاب وذاكرتهم الحفظ والملاحظة، ويفهمون أنّ ثمّة هُوّة تفصل بين تكامل تربية البيت وتربية المدرسة، بين قوامة الأب وصرامة المعلم، هوّة يستوعبها أطفالنا بسرعة، فهذا الأب وذاك المعلم من تلك التّركة الموروثة الممنوع تجاوزها.

أما هُوّة الفصل بين الصبي والبنت في بعض المدارس الابتدائيّة وحتما في الإعدادية والثانويّة في كثير من البلدان العربية، فتنتهي بتأقلم الصبيان فيما بينهم وتلاؤم البنات فيما بينهنّ، مع حنين لماض علاقاتيّ بريء، وتبدأ الرغبة بمعرفة الواحد للأُخرى وبالعكس، وتتطور الرغبة لتصل إلى إرادة اكتشاف الجنس للجنس الآخر .

وفقا لدراسات علماء الاجتماع والنفس : في سن السادسة تكتمل تربية الطفل المنزلية، ويتزامن تطور شخصيـته مع سن تعامله مع الخارج، للحصول على تربية سلوكية وعلاقاتيّة مُجتمعيّة تُنافس أو تتكامل مع التربية الأُسريّة.

فلماذا تطال جذور التفرقة بين الذكر والأنثى منذ الصغر ؟

ولماذا لا يُترك الطفل يكتشف نظيره أو نظيرته من خلال التـّعايش البريء ؟

باستطاعة كل راع في أسرته غض النظر عن اكتشاف الذكر للأُنثى بعلاقات بريئة ! .


يُلاحظ أن حضانات أطفالنا شبه معدومة في معظم بلادنا العربية، فأطفال الأُسر المتواضعة في القرى والبلدات وحارات المدن الكبيرة لا ينعمون بروضة أو حضانة، أمّا أطفال بعض العائلات الميسورة في الحارات الراقية فيحصلون على مؤسسة للصغار تهيّؤهم للدخول إلى الابتدائية. لم لا ينعم أولادنا في كل بلادنا العربية ؟

* بـ روضة أطفال حتى الثالثة من العمر أيّا كان مستوى أهاليهم مجانا للبعض، وبمساهمات مُتفاوتة للآخرين.

* بـ حضانة ما قبل الابتدائية من الثالثة إلى السادسة مجانا تُهيّؤهم للدخول إلى الابتدائية مع بلوغ السادسة من العمر.

* باختلاط بين بنين وبنات من الحضانة، للابتدائية، للإعدادية، للثانوية، كونها بالضرورة مختلطة في الجامعة، حيث حاجة الشاب للشابة كبيرة والعكس صحيح ؟

أما معونات الدولة لأولادنا في / معظم الدول العربية / فتكاد تكون معدومة، إذا ما قورنت بالمنح التي تُقدم لأولاد في دول أخرى أكثر تنظيما وفهما للمجتمع وللاقتصاد، أوليس هذا تخبّطا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتربويا بالغ الأهمية ؟

لعل اقتطاع مساهمة شهرية رمزية من راتب كل من يمارس عملا حرا، ومن كل موظف ومستخدم وعامل يكون حلا عادلا ومقبولا، شريطة أن تُعاد لهم على شكل معونات شهرية تُغطي جزء من مصاريف الأهل من سكن وصحة وضمان ضد البطالة، وتُعطى للأولاد مساعدة شهرية لتأمين احتياجات تعليمهم من الحضانة لنهاية الثانوية .

 لم لا ينعم الأهل لصالح أطفالهم بمعونات من الدولة وفق تنظيم إداري مدروس ؟ فما يُدفع للأولاد يعود للسوق عن طريق زيادة استهلاك العائلة، وهكذا تدور عجلة البيع والشراء ويتطور الاقتصاد .

* لماذا لا يتحرّك الأهل لتحقيق هكذا انجاز اجتماعي ؟

* لم لا يُطالبون به ؟

أسئلة أخرى كثيرة يمكن طرحها للبحث والدراسة، على مسؤولي بلادنا العربية ومثقفيها وإعلاميها ، على السّاهرين على توعية وتربية أولادنا، وعلى علمائنا بالاقتصاد والاجتماع والنفس، عسى الجواب يكون قرارات قابلة للتطبيق، وتكون المفاجأة سارة، يوما ما !

الأمل ضعيف من هكذا تقدّم، فـ مسؤولونا ومسؤولو مسؤولينا وموظفونا من صغار لكبار،وصولا لـ حُـــكـّـامـنـا ، ليسوا سوى جزءا من التربية القـمْعيّة التي يتعرض فيها الولد، بنتا كانت أم صبيا، في مراحل تربيته المذكورة في المقدّمة.

يلد الطفل وينشا ويترعرع، وتتمّ تربيته في البيت وفي المدرسة وأمام شاشات التلفاز وفي الشارع، في جو قمعي بتعاليم جاهزة للتـّطبيق ولا تحتاج للـّتفكير.. يشبّ ويكبر ويصبح رجلا، لا يختلف عمن ربّوه بكل قسوة وخوف من دخول جهنم وترغيب بجنة تجري من تحتها الأنهار مليئة بـ "حوريات" بمنتهى الجمال وبـ "خمر" بمتعة لا مثيل لها.

 إن خالف ما قيل أو نـُقل، يُقهر ويُقمع ويُستهزأ به من أبيه ومحيطه في الدّنيا، ويهدّد باصطلاء بنار جهنم في الآخرة.

وهنا لابدّ من التـّذكير بأن الفتاة معرّضة لهذا القمع أكثر من الفتى، كونها / حافظة شرف الأهل والمُجتمع /، وعليها صيانته، بـ حجاب مفروض، بـ قبول أن تكون إحدى زوجات الرّجل، بـ قبول أن تـُهجر بالمضجع أو أن ��ـُضرب إن خاف بعلها نشوزها، بـ رضا نصيبها النـّصفيّ من إرث وشهادة...

المرأة تـُمتع الرّجل في الدنيا كإنسانة أقل من الرجل بدرجات، وتـُمتعه في الآخرة كحورية من حوريات الجنة.

في هذا المُحيط، وبسبب هكذا مُعاملة، يُنتج مُجتمعنا رجالا ورجالا فقط، يصلون لـ سدة المسؤوليات الكبيرة، ملك، رئيس، أمير، سلطان، وحتى "رئيس سلطة" ورئيس حكومة، يستمتعون كلهم بفرض سيطرتهم على من هم في وضع أضعف منهم.

حُكّامنا يمتلئون بهجة حين يُسمّوْن : صاحب الجلالة وصاحب الفخامة وصاحب المعالي وصاحب السمو، حتـّى هؤلاء الـّذين ليس لهم دولة ولا سلطة ولا سيادة على شعبهم، ولا على أرضهم فيُسمّوْن : فخامة رئيس "السلطة" – معالي "رئيس الوزراء"، مُقالا كان أم لتصريف الأعمال – سعادة السفير – سعادة الوزير...الخ

فخامة رئيس "السلطة" وأصحاب "السعادة والمعالي" الملتفـّون حوله، يتكلّمون وكأنهم " لا ينطقون عن الهوى "، متجاهلين أنه لا يحق لأحد منهم أيّ منصب سوى منصب / مناضل / أو/ مجاهد / أو / مكافح /، وفي أفضل الحالات مُنسّق "سلطة" ، لكنهم يُصدّقون من يُشيدون بهم، فيشكلون حكومة ويُقيلون أخرى، وتستقيل حكومة وتـُعيّن ثانية، وأصحاب الـ... ناسين أن أرضهم مُحتلة وأنّهم لا يملكون، حقّ الحركة بدون أذن أو تصريح من المُحتل الغادر.

ماذا يُنتظر من حُكام نشئوا وتربّوا، أسريا ومُجتمعيا ودينيا، بأساليب قمع وتخويف وترهيب، أو بترغيب في الدنيا والآخرة، سوى تطبيق ما تلقـّنوه ؟

حكامنا يقمعون كما قـُمعوا، فهم بشر يُطبّقون ما طـُبّق عليهم، ويحاولون الاقتناع بما قيل ونـُقل لهم، فلا يُشغلون عقولهم، ليتماشوا مع معطيات العصر.

يلجئون لمُصالحات ولحوارات، سرعان ما تـتهدّم فوق رؤوسهم، فهي عمليات مُملاة عليهم من الغير القويّ القامع، ويتوافق مع تربيتهم الأسرية التي تربّوا وشبّوا وكبروا عليها.

حُـكّـامـنـا يُطعموننا ما ذاقوه من مُحيط طفولتهم، مُجتمعاتـُنا صابرة بلا قناعة، فلا بدّ للقيد القامع يوما أن ينكسر، بالعصيان والتـّمرّد على ما هو موروث ومنقول، وبتطبيق ما هو مُنصف ومُحقّ ومدروس ومُخطـّط له من خبراء ونـُخب ورجال علم.

فـ المُستحيل ليس إنسانيّا.
 

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية