مصرنا


مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الامريكية عن المركز الامريكى للنشر الالكترونى .. والاراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها
رئيس التحرير : غريب المنسى
............................................................................................................................................................

 
 

             جمال مبارك أول رئيس للجمهورية المصرية الثانية
...............................................................

 بقلم : أسعد أسعد
.......................

و سيحفظ التاريخ إسمه تحت لقب جمال الثاني نسبة الي عمه جمال الاول الذي قاد الانقلاب العسكري ضد مصر و شعبها و تَقَدُّمها بترشيد من المخابرات الامريكية ليحتل مصر بجيشها و يدعو حركته هذه فيما بعد بالثورة المباركة. و كانت ثلاثية الحكم في الجمهورية الاولي تتوارث بالقضاء و القدر من عبد الناصر الي السادات الي مبارك أبو جمال الثاني باستثناء نجيب الذي بدأ فقط ليكون الواجهة الامامية لشلة الضباط الذين قلبوا نظام الحكم علي رأس أسرة محمد علي ثم أزاحوه من طريقهم لتبدأ فترة من أسواء فترات التاريخ المصري الحديث , لانه قد تعودنا أن يقهرنا الاجنبي و أن يستعبدنا الاجنبي و أن يسرقنا الاجنبي طيلة الفين و خمسمائة سنة و لكن لما أتيح لمصر أن يحكمها مصريين فعلوا ببلدهم ما لم يفعله أسوأ الطغاة الاتراك و العرب و البيظنطيين و الرومان و المكدونيين و الفرس و لا حتي زمن الهكسوس القديم.

و اليوم يقف جمال الثاني في مصر علي عتبات التوريث و قد قُهِرَت في مصر روح الارادة التي تواجه بها الاستبداد و تسعي لكي تحصل بها علي مطالبها في الحياة لان الحياة قد إنتهت من مصر و أَجهَزَ عليها عسكر مصر الذين وُلِدوا علي أرض مصر و شربوا من نيل مصر و أشرقت عليهم شمس مصر فتحولوا و داسوا مصر و كفروا بمصر و باعوا أنفسهم ليكونوا إحتلالا أذلّ مصر و أذاقوها سم العروبة فاصبحت تستجدي ريالات العرب و جعلوها ذيلا لخدمة دولارات الامريكان

و سيأتي جمال الثاني الي الحكم بالتوريث أيضا لكن لا بالتزوير و لا بالغش في لجان الانتخاب لكن بالاستسلام الذي تعلّمه الشعب المصري علي يد زعماء ال 99.9 % في كل إنتخاب و في كل إستفتاء و في كل إبداء رأي لأن مؤسسة الحزب الواحد الاخطبوطية الجاثمة علي قلب مصر قد وأدت أنفاس مصر فلن تري مصر إلاّ من تفرضه عليها هذه المؤسسة التي إمتصت الحياة من دماء شعب مصر.

لقد أصبح المصري يعيش اليوم وكأن الجوع هو الحياة الطبيعية و الشبع إستثناء . و السكن في القبور و العشوائيات و الازقة بين الطين و الاتربة و أكوام الزباله هو الحياة الطبيعية أما المسكن الادمي فهو إستثناء. لقد تعود المصري علي أن العذاب و المشاكل و الفقر و الحاجة و الذل في دول العرب الاشقاء من أجل لقمة عيش هو الحياة الطبيعية و أما الكرامة فهي إستثناء. كل رجل و كل إمرأة في مصر اليوم تعدي عمرهم الخمسين عاما فأقل لم يروا الحياة إلا بهذه العيون التعيسة التي علّمتهم أن هذا هو قدرهم و هذه هي بلدهم فتسمروا أمام التلفزيون و تمثيليات التلفزيون ليعيش الشعب مع ما تقدمه له من خيال القصور و الشقق الفاخرة و وظائف شركات البزنس و العشاء في المطاعم الفاخرة و التسلية و التسامر في النوادي الارستقراطية فيعيش أحلامه حتي الفجر لكي يصحو الي يوم آخر من الذل و الهوان و التعب و المشقة التي بلا داعي و بلا منطق و بلا سبب ينتظر الليل بفارغ الصبر ليسهر مع أحلامه و تدور حياته في الدائرة المفرغة.

و اليوم يستعد جمال مبارك لكي يتبوأ كرسي العرش الذي سيرثه ليحكم هذا الشعب. لا داعي لتزوير الانتخابات و لا لقهر الشرطة للناخبين أمام و في داخل اللجان لان الشعب الذي سيذهب الي الصناديق قد تبرمج عقله لان ينصاع و أن يطيع و أن يستسلم و يمشي جنب الحيط و يخضع لاوامر الحكومة. أما القِلّة التي فتح الله عليها بالفكر و القلم و الرؤيا و المنطق و الروح الوطنية فقد إستسلمت و ضاعت أحلامها في أن تستعيد مصر روحها و إنكمشت في نواديها الخاصة و منتديات آرائها الثقافية الاكاديمية المعقدة التي لن تصل الي الشعب فقد تم وأدها في مجتمعات محاصرة بإعلام التفاهة و سلطة الدولة و تم عزلها عن الشعب نهائيا بل نقول إنها عزلت نفسها عن الشعب في أبراج عاجية من رفاهية التفكير النظري و الحوار السفسطائي و الاطلاع علي آخر أخبار و ثقافة و تقدم الدول المتحضرة ثم التجمع في شللية ندب و رثاء حال الواقع المصري.

فالشعب الذي سيرأسه جمال الثاني غدا أحزابه السياسية ليست حتي نمور ورقية بل أشباح وهمية و عِلمُه و ثقافته مستمدة من فتاوي المشايخ و حفظ التراويح و قراءة المدايح و قُوّته و عزيمته مستلهمة من قبور و أضرحة الاولياء الصالحين و الدعاء لهم و الاستخارة بهم و التوسل اليهم. و مشاكله ليست في الاقتصاد و الادارة بل في الغسول و الاستنجاء و الطهارة. فان الذين لا يروا في مصر الا الزمالك و جاردن سيتي و مصر الجديدة و مدينة نصر لم يعرفوا إن مصر الحقيقية هي في حواري شبرا و زقائق بولاق و السبتيه و مصر عتيقة و قلعة الكبش. مصر الحقيقية لم تعد عبد الوهاب و أم كلثوم بل خناثة عمرو دياب و خلاعة نانسي عجرم و هيصة شعبان عبد الرحيم رغم أنف المثقفين المتعلمين.

جمال الثاني ربيب جامعات إنجلترا لم يلعب كوره شراب في الحارة و لم يجري وراء عربية الرش و لم يقود مظاهرات في الجامعة و لم يري أصدقاءه يقبض عليهم أمن الدولة. و هو لم يقض الخدمة العسكرية (و أرجو أن أكون مخطئا في هذا) و يقول البعض أنه يحمل جواز سفر إنجليزي نسبة الي جدته لوالدته. قضي شبابه بعد تخرجه في بيوت الخبرة الاستشارية الاوروبية. مصر بالنسبة له هي شلة الحزب الوطني الذي زرعه فيها والده. ثروته غير معروف مقدارها أو مصدرها. بيته قصر و تحركاته بموكب رسمي. لم يتشعلق في الاتوبيس يوما ما بل أعتقد انه لم يركب حتي تاكسي و لم يقوده حظه العاثر أن يقف في طابور الجمعية أو طابور رغيف العيش و لم يقف يقضي مصلحة من موظف الارشيف في أي مصلحة حكومية. لم يزر بيت فلاح مصري يبيت هو عائلته و الجاموسة و الحمار في غرفة واحدة و لم يدخل بيت عامل مصري يعيش هو و عائلته و ثلاث عائلات أخري معه في نفس الغرفة لم يأكل طبق فول أو كشري من بائع متجول في الشارع لم يجلس متسكعا علي مقهي يلعب الطاولة و هو ينتظر أن تحن عليه الحكومة التي يرأسها والده بجواب التعيين بمرتب أقل من المعونة الاجتماعية التي يقبضها المتسول في جزيرة هايتي أفقر دول العالم الغربي. لم يدفع فاتورة النور و لا المياه و لا الغاز و إنسي التليفون. لم يرسل أولاده الي المدرسه ببنطلون مقطوع و حذاء تبرز منه أصابع قدميه و أحيانا يقطع ابنه عن المدرسة و يرسله ليعمل في ورشة أو طابونه ليساعد في مصاريف البيت بل إن جمال الثاني لا يعرف إن هذه هي مصر الحقيقية و إن هذا واقع يعيشه أكثر من 80 % من الشعب الذي سيحكمه. لقد نشأ جمال الاول في بيت بسيط لموظف في البوسته و ترعرع في حواري شبرا و إشترك في الاضرابات و المظاهرات ضد الانجليز فلما تمكن منا أركب العرب فوق رقابنا و أذلنا تحت أقدامهم الحافية و جعلهم أسيادنا. و أنور رُفِتَ من الجيش و دخل السجن و صاع في الشوارع و عمل شيالا و سائق نقل و عاشر الفقر و الضياع فلما تمكن منا أركب الامريكان فوق رؤسنا و أطلق فينا اللصوص منا و زرع فينا الفتنة و الطائفية و نزع جيشنا من القيادة الشيوعية و سلمه الي القيادة الامريكية. فماذا سيصنع بنا جمال الثاني ربيب العائلة الرأسمالية و سليل الجنسية البريطانية الذي لايعرف طعم الفول و لم يذق سندوتش طعمية

و ماذا سيواجه جمال الثاني هذا في بداية رئاسته للجمهورية الثانية طبعا سيواجه معارك حفظ التوازن بين حيتان الحزب الوطني و سيواجه كيف يحافظ علي ثروة العائله حتي لا تكشفها الجرائد الحاقدة و سيقضي نصف و قته في متابعة و التأكد من سلامة الاجراءات الامنية التي يقوم بها بوليس مصر للمحافظة علي حياته و إستقرار نظامه ضد الرعاع المصريين و سيقضي نصف وقته الاخر في الضحك علي ذقن شيخ الازهر و البابا شنوده الثالث و مجاملات البابا ماكسيموس الاول و الحاج مهدي عاكف حسب ما يقضي البروتوكول الامريكي و سينشغل بترتيب سفرياته لتقبيل عتبات البيت الابيض المقدسة لكنه لن يحمل هم القيادة العسكرية لجيش مصر العرمرم فهذه يحملها عنه الجنرال أبي زيد و يكفي أن يضع مشاكل مصر الداخلية في يد أحد أصحابه من أثرياء الحزب الوطني و الذي سيقوم بتعيين بعض الوزراء لكي يتسني رفت بعضهم كلما وقعت كارثة راح ضحيتها عشرات أو مئات من حثالة المصريين

هذه بعض المتاعب التي سيواجهها جمال الثاني أما لو حصلت المعجزه التي أسهل منها مرور جمل من ثقب إبرة و وقع جمال فعلا في حب مصر و أصابه كيوبيد الوطنية المصرية بأحد سهامه الطائشة و عشق ترابها و أهلها و ناسها و عيالها و رجالها و نسائها و صبيانها و صباياها و أحس بأوجاعها و تألم من أجلها و عرف مرارة معيشتها و قرر أن يعمل فعلا لمصلحتها فلابد أن يواجه حيتان و ديناصورات الحزب الوطني الذين أفسدوا البلد بالرشاوي و الوسائط و الشللية و لابد أن يسد أذنيه عن هتيفة مجلس الموافقون الذي يعمل بالريموت كنترول . ولا بد أن يتحايل علي أمريكا و يحولها من سيد الي شريك . و لابد أن يوقف إسرائيل عند حدها و يحجّم مطامعها و ينهي دورها في الشرق الاوسط . ولا بد من إصلاح هيكل الادارة في مصر من أصغر قراها الي أكبر محافظاتها . و لابد أن يضع رقابة علي الاقتصاد و لابد أن يحرر القضاء . و لابد من أن يضع نصف وقته في خدمة نظام التعليم من الابتدائي حتي الجامعه. و لابد أن يطلق القلم و الصحافة و الرأي لآنها هي النور الذي يري به و الهواء الذي يتنفسه هو وشعب مصر كلها. و لابد أن يضع نصف وقته الاخر في خدمة قطاع الصحة و التأمين الصحي و نصف و قته الاخر في قطاع التنمية و حل مشاكل البطالة و نصف وقته الاخر في الاسكان و المواصلات و لابد أن يقضي نصف وقته الاخر في إقامة وحدة سليمة و دائمة مع السودان و ليبيا و فلسطين تكون نواة للامتداد المصري الي شمال إفريقيا و الي جنوبها . و ينبغي إستعادة الجيش المصري من تحت يد الجنرال أبي زيد و إرساله الي السودان و غزه و لبنان و أن يخلصنا من العقيد و كتابه الاخضر و ليحمي و يحافظ علي هذه الاراضي المصرية.

و لابد من ثمن يدفعه و سيدفعه جمال من الالم و الارق و الوجع و لربما يبكي أحيانا و لربما يضعف أحيانا أمام الخوف من المجهول الذي وضعنا فيه والده آخر حكام الجمهورية الاولي و لابد أن يكون مستعدا لتلقي رصاص الاخوان المسلمين و مؤمرات وكالة المخابرات المركزية و ذُنَب أشقاؤه رؤساء الدول العربية. و بعد هذا فسيجد إن الذين سيلتفون حوله متحمسين و مخلصين و دايبين في حب مصر ربما أكثر منه لكن مستضعفين قليلي خبرة بشؤون الادارة و السياسه لاننا أصحاب كلمات و مصطلحات و نظريات و حبر علي ورق فهل سيكون جمال الثاني مجرد رئيس يهوي الي قاع تاريخ مصر كمن سبقوه أم سيقبل تحدي العرق و الدموع و الدم و الخوف ليُخرِجَ إسم مصر من قاع التاريخ الذي هوت اليه بسبب و علي أيدي من سبقوه من حكام الجمهورية الاولي الذين آخرهم والده المبارك الذي نرجوا جميعا أن لا يشابهه و أن لا يسير علي خطاه.

assaad_for_jesus@yahoo.com

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية