مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

الدين والسياسة ميكس ثم ميكس ثم ميكس

 

الشاعر

 

بقلم : محمد محمود الشاعر
......................

اثار عزل الدكتور محمد مرسى بعد عام واحد فقط من توليه المهام الرئاسية جدلا كبيرا حول جدوى التزاوج بين الدين والسياسة.

كون الدكتور مرسى هو أول رئيس مدنى منتخب انتخابا حرا ونزيها لم يشفع له عند الكثير من الشعب الذى لا يعرف قيمة الصندوق الانتخابي فقد توقع الكثير من الشعب ان أنهارا من العسل واللبن المصفى ستجرى بين أيديهم مع تولى الاسلامين مقاليد الحكم , لما لا فهؤلاء الاسلاميون يتميزون بالنزاهة والطهارة ولن يسرقوهم كما سرقهم حكام كثيرون من قبل.

ولكن في بعض الاحيان تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن لم يترك اللئام الفرصة للإسلامين كي يعملوا بإخلاص كادوا لهم تامروا عليهم تحالفوا مع الشيطان من اجل افشالهم واحراجهم شعبيا افتعلوا المشاكل والصعاب استمالوا جهات ما كان لها ان تعمل في السياسة كالقضاء لتكون رأس حربة ضدهم احكموا المؤامرة حتى اقنعوا الكثير من العامة بفشل الاسلامين حتى يروجوا لقناعة ان لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين استنادا لواقع مختلق.

عندما يسود الظلام يسهل اقناعك باحتمال حدوث أي شيء سيئ..... في تاريخ الانسانية مرت على شعوب كثيرة فترات مظلمة اغلق الحكام في تلك الفترات الابواب على شعوبهم واقنعوهم دوما بخطورة الموقف وحساسية الظروف وان السماء ارسلت هؤلاء الحكام الملهمين ليعبروا بهم من الظلمات الى النور ذلك النور الذى لم يأتي مطلقا ولن يأتي في وجود تلك النوعية من الحكام حتى لو استمروا الاف السنين.

بعد النجاح المبهر لأقطاب الانقلاب في اسقاط النظام الإسلامي تبارت وسائل الاعلام المملوكة لرموز الفساد في عهد مبارك في الترويج العلني لمبدأ غاية في الخطورة وهو" ان لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين" وهم بذلك يريدون اغلاق القبر على رجال الدين واقصاء التيار الإسلامي بالكامل بعيدا عن المعترك السياسي وانفراد الليبراليين بالحكم متعللين في ذلك بالخبرة والكفاءة مع ان تلك الخبرة والكفاءة والحنكة السياسية وما الى ذلك من المسميات البراقة في عالم السياسة هي التي جعلت تلك المنطقة من العالم- المنطقة العربية- اشد مناطق العالم ظلاما وبؤسا فيما يخص حقوق الانسان وبدت تلك المنطقة بالنسبة للعالم وكأنها بقعة مجهولة نسيها قطار البشرية منذ مئات السنين وهذا في حد ذاته اكبر دليل على فشل الليبراليين واكبر دليل ادانه ضدهم فقد استغلوا الحكم لتحقيق مصالح شخصية لهم فقط واحكام السيطرة على الشعوب فابتكروا اساليب حكم قمعية ووحشية بل أيضا إذلاليه اصابت الشعوب بالإحباط واليأس وأطفأت جذوة الطموح وقتلت روح الابداع والابتكار وجعلت الشعوب العربية تنظر الى المستقبل وعيونها على الماضي الجميل الذى ولى فأصبح من الصعب عليك ان تتخيل ان البشر الذين تراهم اليوم في هذه البقعة من العالم هم ذلك النوع من البشر الذين بنوا اهرامات شامخة في يوم من الايام وشيدوا معابد شهد الجميع بروعتها وتركوا من الاسرار ما تعجز وسائل العلم الحديث عن فك شفراتها من الصعب ان تتخيل ان هذه الشعوب التي تراها الان ضعيفة سليلة تلك الشعوب التي هزمت التتار ودحرت الصليبين وارسلت جيوشا عبرت مضيق جبل طارق يوما ما من الصعب ان تصدق وانت ترى حولك في هذه المنطقة هذا التخلف الرهيب ان تلك الشعوب انجبت يوما من الايام علماء في شتى فروع العلم اناروا العالم كله وأشاد بفضلهم الجميع

شواهد عديدة تؤكد مأساة التراجع الحضاري والأخلاقي في تلك المنطقة من العالم بالرغم مما تملكه من ثروات طبيعية وبشرية ضخمة والاهم من ذلك ما تملكه من ثروات عقائدية انضباطية وتاريخيه محفزة تتيح لها ديمومة سيادة العالم. هذه الفجوة الرهيبة في المستوى الحضاري بين تلك المنطقة وبقية العالم تثبت بما لا يدع مجال للشك فشل السياسيين اللبراليين في حكمهم لهذه المنطقة مئات السنين فكيف نسارع بعد عام واحد فقط على حكم الاسلامين ونحكم بفشل المشروع الإسلامي!!!

كيف نتغاضى عن مفاسد الساسة الليبراليين لمئات السنين والاسؤ من ذلك ان نسارع بالحنين لهذا النوع من الحكم بهذه السرعة ونقتتل من أجل عودته وكأننا لا نستطيع ان نسير بدون حكم فاسد..... الاهم من ذلك الان هل مقولة ان " لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين" صحيحة ويجب الالتزام بها

اساس المشكلة بالنسبة للساسة الليبراليين في هذه المنطقة انهم جميعا بلا استثناء ساسة بلا ضمير ليسوا بلا دين ولكن من المؤكد بلا ضمير تلك النواة البسيطة التي تجعلك تفكر قبل الفعل وتجعلك تقلق وربما تتألم اذا اكتشفت ان ما فعلت كان امرا لا يقره الدين .... انهم اجسام بلا قلوب أو قاسية قلوبهم فهي كالحجارة أو اشد قسوة تم اعدادهم بطرق خاصة او اختيارهم طبقا لمعاير معينة تحقق القمع والكبت والنهب للشعوب المؤسف ان تلك الشعوب ألفت تلك النوعية من الساسة وعندما جاءهم نوعية اخرى من الحكام يتصفون بالطيبة والنزاهة ويراجعون انفسهم قبل الفعل هل لهذا الفعل اساس من الدين ام لا تامروا عليهم وافشلوهم وادعوا انهم ليس لديهم خبرة سياسية

ولو سلمنا جدلا بأن من استلم السلطة من التيار الإسلامي ليس على القدر الكافي من الحنكة السياسية فهذا في حد ذاته لا يعتبر مبرر كافي لصرف النظر عن المشروع الإسلامي وابعاد الاسلامين عن الحكم بعد عام واحد فقط بل من العدل اعطائهم الفرصة مرة ثانية وثالثة كما يقول الامريكان
Do not let one bad experience stop you
أي لا تتوقف بسبب تجربة واحدة فاشلة

هذه المنطقة من العالم ذات طبيعة خاصة انها المنطقة التي نزل بها الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام هذه المنطقة يصعب فيها فصل السياسة عن الدين في الحكم يصعب ان يحكم فيها ساسة قلوبهم كالحجارة غارقون في النعيم وبين شعوبهم ملاين يسكنون المقابر ويصعب ايضا ان يحكم فيها رجال دين حسنى النية ليس لديهم خبرة في التعاملات الدولية والمصالح الخارجية وغيرها

الحل هو ان يكون الحاكم وأعوانه في هذه المنطقة رجال يجمعون بين الحنكة السياسية والعمق الديني عين على السياسة وعين على الدين نظرة للدنيا ونظرة على الاخرة كما كان يفعل عمر بن الخطاب حين كان يريد ان يذكر نفسه بما ينتظره بعد الدنيا "كفى بالموت واعظا ياعمر" وفى نفس الوقت يرسل الجيوش لفتح الاقطار. هذه النوعية من الرجال نادرة الوجود ان لم تكن شحيحة لأسباب عديدة اهمها تعمد الأنظمة السابقة تجريف الوطن من كل ما قد ينفعه في يوم من الايام .قد نقضى سنوات طويلة نبحث فيها عن ذلك النوع من الرجال النادر الشحيح ليأخذ بزمام الامور في هذا الوطن وقد نضل الطريق ونصل الى غير ما نريد ولأن الهدف هو الحياة الكريمة لكل من على ارض هذا الوطن فأننا يجب أن نصنع هذه النوعية من القادة على أعيننا لابد من ابتكار الية جديدة تمزج اصول الدين والعلوم السياسية معا يجب ان يكون هناك وعاء واحد يجمع الدين والسياسة الدين هو اساس كل شيء في الحياة هو اساس التعاملات سواء فردية أو جماعية والدول مجاميع من الافراد وقد يكون من الضروري مثلا انشاء كلية " اصول الدين والعلوم السياسية" تكون ذات طابع خاص ومنهج معد لما بعد التعليم الجامعي يلتحق بها خريجي أي كليات جامعية يتلقى الدارس فيها لفترة زمنية معقولة دراسات اسلامية وسياسية ويجتاز في نهايتها اختبارات معينة تمنحه شهادة تقر بانه ذو ثقافة سياسية وخلفية دينية مع التوسع في هذه النوعية من الثقافة التي يمتزج فيه الدين بالسياسة تتعاظم فرصة وصول اشخاص ذوى ثقافة سياسية وعمق ديني لمواقع قيادية وباتساع دائرة الانتشار لهذه النوعية من المثقفين سياسيا ودينيا تتواجد قاعدة عريضة من الشعب تستطيع تقويم الحاكم بوعى وموضوعية قاعدة تثرى الحوار الهادف الى المصلحة العامة التي يحب الفرد فيها لأخيه ما يحب لنفسه كنتيجة للعمق الديني والثقافة الدينية التي امتزجت بالعمل السياسي وليس الانانية المفرطة والسعي لتحقيق اكبر قدر من المكاسب الشخصية والامتيازات المبالغ فيها دون مراعاة لحقوق الاخرين بل دون وازع أخلاقي . بانتشار هذه الثقافة يمكن ان يصل الى قيادة هذه الامة حاكم يطفئ المصباح عندما يتحول الحديث الى الامور الشخصية.

ان مقولة فصل الدين عن السياسة في تلك المنطقة التي هي مهبط الديانات السماوية هي مقولة خبيثة يطلب فيها السياسيون من رجال الدين ان يتركوا لهم الملعب يسلبون وينهبون من خيرات الشعوب ما وسعهم وادعاء انهم يعملون من اجل المصلحة العامة او بمعنى اخر مطلوب من رجال الدين ان يلعبوا دور المرأة يجلسون في البيت لتربية الاولاد وخدمة السيد وتنفيذ اوامره . في الوقت الذى يطمع فيه رجال الدين ان يكون لهم دور في تشكيل الوجدان ورسم المسار والحفاظ على الهوية وان يكن لهم نصيب من سلطة السلطان بالإضافة الى سلطة القران.

الدين عماد الحياة يدخل في كل شيء وما دخل الدين في شيء الا زانه فلماذا لا يدخل الدين في السياسة وهى احدى مناحي الحياة كالاقتصاد والفن وغيرها .مزج الدين في السياسة امر حتمي للحصول على رجل سياسة متدين ورجل دين يقود .ان وصول ساسة متدينين الى سدة الحكم في هذه المنطقة ذات الطبيعة الدينية هو ما سيضمن السير بهدوء والوصول الى بر الامان بأقل قدر من التناحر


محمد محمود الشاعر
القاهرة
m_m_s_m@hotmail.com

مقالات سابقة

صبرا ال مصر ان موعدكم النهضة
نهار بطعم الليل
ثورة للخلف


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية