مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

ثورة للخلف

 

الشاعر

 

بقلم : محمد الشاعر
......................

كنا ونحن صغار نستمع لمحطات صوت العرب والبرنامج العام وكلها تمدح الحاكم وتمجده بل تقدسه لتزرع في القلوب حبه.
كان هذا في وسائل الاعلام المسموعة التي كانت في ذلك الوقت اكثر انتشارا , اما وسائل الاعلام المرئية فكانت اكثر مدحا وتمجيدا.

بالإضافة الى مدح الزعيم كانت شيطنة الاعداء والمعارضين ايضا تسير في مسار متوازي . ولأننا كنا صغارا وقلوبنا بيضاء وعقولنا كانت تنتظر بشغف من يخط على صفاحتها الفارغة فقد عشقناه ونحن لا ندرى أشرير هو ام طيب أيستحق ما زرع في قلوبنا من حب أم لا وكرهنا كل من عاداه حتى لو كان ملاكا.

اذكر في ستينيات القرن الماضي كان الحاج نجاح رجل كبير في السن كله وقار وسماحه يشوش الوجه تالف القرب منه وترتاح للحديث معه كان يزورنا في الشهر مرة لمحاسبة ابى على الالبان التي كان يجمعها عماله من اهل القرية. تعودت ان اراه في نهاية كل شهر انست سماحته وبشاشته ولطف حديثه وفجاه لم يأتي الحاج نجاح وتناقل الجميع انه من الاخوان المسلمين (الشريرين) لم نكن نعرف في ذلك الوقت مصطلح الارهابين وان قوات البوليس عثرت على قنبلة بمنزله كان سيدمر بها القرية لولا سهر ويقظة رجال الامن !! ولأننا كنا صغار ولأنه لم تكن هناك جهة اخرى تدافع عن ذلك الشرير الحاج نجاح فقد طبع على صفحات عقولنا بمنتهى البساطة ما ارادت وسائل الاعلام ان تطبع لم تشفع للحاج نجاح بشاشته وتحولنا بعد ان كنا نحبه الى خائفين منه ومن جماعته . كان من السهل على وسائل الاعلام في الزمن الماضي ان تملأ العقول بما تشاء.

تغيرت امور كثيرة ومفاهيم عديدة ظهر ما يعرف بالكومبيوتر والقنوات الفضائية او السماوات المفتوحة وظهرت الانترنت وتوابعها من محركات بحث وصفحات تواصل اجتماعي الا ان مؤامرة 30/6 وما تبعها من انقلاب في 03/07 انقلاب مغلف بدعوى استجابة لمطالب الشعب لم تدرك هذه الحقائق ففي الدقائق الاولى التي اعقبت بيان الفريق المتمرد تم قطع البث التليفزيوني عن القنوات الدينية وهى قنوات التيار الإسلامي الذى وضعه الانقلاب المفاجئ في صفوف المعارضة بين عشية وضحاها.

وحسب منطق ستينيات القرن الماضي فأن صوت المعارضة عورة يأثم من يسمعه فما بال من يرى المعارضة ذاتها فصدرت تعليمات لوسائل الاعلام المرئية والمسموعة ليس فقط بتجاهل من اصبحوا في المعارضة بين عشية وضحاها بل بشن حملات تشويه سمعة وتلفيق تهم بعضها يخرج عن نطاق المنطق والعقل كالتخابر مع جهات صديقة !!! كانت أهون منها بكثير قنبلة الحاج نجاح التي لم يراها هو نفسه.

في برهة قصيرة من الزمن تغير اتجاه الاعلام المصري من ابراز الرأي والرأي الأخر مع مهاجمة النظام الحاكم بكل ضراوة وقسوة وابراز عيوبه واتهامه بتغير الهوية والاتجاه الى المجهول وتحويل حسناته الى سيئات في تكتيك هجومي متامر على النظام الحاكم الى ابواق مديح في النظام الانقلابى الجديد القديم , وترهيب معارضيه الى الحد الذى قاد الكثير الى الاعتقاد انه ان لم يمدح المتآمرين فأن سله من التهم الغليظة ستعلق في رقبته.

يخيل اليك وانت تسمع وترى ما اتيح لك من وسائل الاعلام عن طريق النظام القائم انك في الماضي او ان الحاضر قد انسحب الى الخلف عشرات السنين ليعود الى الاسوأ أبواق تمدح فريق وتسبح بحمده وتدعى ان ذلك طواعية ورائحة الاكراه تفوح من بين ثنايا الكلمات وفى نفس الوقت تلعن الاخر وتروج من الشائعات ضده ما يجعلك تحس ان هذا الاخر شيئا لم تكن تعرفه من قبل انه ينبوع الشر.

وذاد الطين بلة ان القضاء دخل المستنقع السياسي او ادخل نفسه للانتقام ممن تحدثوا كثيرا عن ضرورة تطهيره فبدا للجميع ظهور قضاء اخر قضاء الامس كان يفرج عن محتجزي التظاهر في اليوم التالي قضاء اليوم يحتجزهم 15 يوما ويجدد ما شاء مع ان المخالفة واحدة قضاء ينبش في الاوراق ويفتح ملفات ما كان يتخيل احد انها ستفتح يوما من الايام قضاء يحتجز اشخاص على شاكلة الحاج نجاح من السماحة والبشاشة بتهم التحريض على القتل ويرسلهم الى سجن طرة قضاء يحقق مع من كإنو قادة بالأمس في تهم فضفاضة كالتحريض على القتل ويغمض عينيه عن من يقتلون المئات الان لانهم في السلطة .

الشرطة عادت تمارس دورها القديم في الاجهاز على معارضي النظام بهمة ونشاط نكاية في الشعب الذى تجرأ وطالب يوما ما بتطهيرها وتملقا للنظام الانقلابى ذلك النظام التي رأته يشبه كثيرا لتلك الأنظمة التي زرعت فيها الفساد.

ماذا بقى من مؤسسات الدولة لم يرتد.... الاعلام القضاء الشرطة كلهم تحت ادارة الجيش ابى الجميع الا ان يخلعوا ثوب الحرية ويمزقوه على رؤوس الاشهاد النخبة المثقفة عشقت تملق الانظمة الفاسدة قطاعات من الشعب خشيت الضوء الذى لم تعتاد عليه لفترات طويلة ففضلت الرجوع الى ظلام الاستبداد.

الاعلام بكل وسائله الخاصة قبل الحكومية يسبح بحمد الانقلابين ويكيل اللعنات لمن عاداهم.

القضاء ارتمى في أحضان الانقلابين وتفانى في توفير ما يدعون انه الغطاء القانوني ضد من لا يستطيعون النيل منه بالحق واصبح سيفا مسلط على رقاب من يعارض الانقلاب.

الشرطة اعلنتها صريحة ان دلع الشعب قد انتهى وان مزيدا من ذلك الدلع الذى لم يلاحظه أحد أساسا مفسدة , فعادت فظاظة التعامل وتلفيق التهم وزوار الفجر.

وخرج كل من حصل على لقب "فلول" في الفترة من 25 يناير 2011 حتى 03 يوليو 2013 خرجوا من جحورهم وجاهروا بثوريتهم ووطنيتهم ونزاهتهم وكل ما سبق منهم براء .

الشعب مرتبك البعض يريد النور والبعض يخشى النور والبعض لا يدرى ما اذا كان النور مفيد ام ضار والبعض لا يعرف ما هو النور من الاساس وينقاد خلف الجنرالات الى المذبح .

ما يقال عنها ثورة 30/6 ثورة غريبة عكست تطلعات مريبة هل هناك شعوب ترفض الحرية هل هناك شعوب ترفض التطهر هل هناك شعوب تصر على ان تعزل نفسها عن العالم هل هناك شعوب تتشبث بالماضي البغيض وتريد العودة للخلف

محمد محمود الشاعر
القاهرة
م:01224456489
m_m_s_m@hotmail.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية