مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 البرادعي بين المهمة والاسطورة
...............................................................

 

محمد البرادعى

 

بقلم : أحمد عبد الحكم دياب
..............................

انشغلت النخب السياسية في مصر المحروسة خلال الأيام الماضية بأخبار د. محمد البرادعي الذي وصل إلى مصر بعد أن ترك منصبه كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية ولما كانت الأمور لم تنضج بما فيه الكفاية لتكوين رأي مستقر عن الرجل ومدى أهليته لتولي منصب الرئاسة والذي أعلن نيته للترشح للفوز به، فأننا هنا سنحلل المؤثرات التي جعلت صورته تزداد بريقًا وتتركز عليها فلاشات آلات التصوير.

في البداية فالدكتور البرادعي من مواليد الدقي عام 1942 وهو ابن الأستاذ مصطفى البرادعي الذي كان نقيبًا سابقًا للمحامين عمل موظفًا بوزارة الخارجية وكان عضو ببعثة مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك ثم جنيف ونال درجة الدكتوراه عام 1974 في القانون الدولي من جامعة نيويورك وعاد لمصر ليعمل مساعدًا لوزير الخارجية إسماعيل فهمي ثم تفرغ لإدارة معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث التحق بوكالة الطاقة الذرية عام 1984 حيث تقلد عدة مناصب بها إلى أن وصل مديرًا عامًا لها خلفا لهانز بليكس السويدي.

في أكتوبر 2005 حصل البرادعي والوكالة الدولية للطاقة الذرية على جائزة نوبل للسلام وذلك اعترافًا بالجهود المبذولة لاحتواء انتشار الأسلحة النووية وقد ثار جدل كبير حول دور الرجل في قضية أسلحة الدمار الشامل بالعراق والبرنامج النووي الإيراني.

لقد كانت النبذة السابقة هامة من وجهة نظر كاتب السطور لأن الكثير من المصريين في الداخل لا يعرفون الرجل أو إمكانياته ناهيك عن توجهاته
إلا أن الملفت للانتباه هو الاستقبال الحافل الذي حظى به الرجل عند عودته لمصر والتفاف النخب الثقافية والسياسية حوله بشكل لم يكن متوقعًا، وان كنا بصدد معرفة ذلك فإن المدقق للوهلة الأولى سيكتشف أن وجود الرجل لمدة طويلة خارج مصر كان في صالحه شعبيًا وليس العكس فهذا الغياب أبعد عنه أي شبه بالارتباط بالفساد المستشري بشكل سرطاني في المجتمع، كما أن نجاحه في مهامه الدولية جعل البعض ينظر إليه وكأنه يملك عصا سحرية تجعل منه المصلح الذي يبحثون عنه أما أفكاره ومخططاته وقناعاته فلا يعلم أحد عنها شيء حتى الآن ولقد ساعد في صناعة هذا الرمز في وجدان البعض عوامل داخلية مرتبطة بشكل النظام والديمقراطية المزيفة ورفض تداول السلطة وتحكم القبضة الأمنية في رقاب الناس وتدني الأداء المفروض للجهاز التنفيذي وسيطرة رجال الأعمال على مقاليد الأمور في الدولة وتدني أداء البرلمان والبذاءة في خطابه والفساد الإعلامي الرسمي وفي المقابل فقد الناس الثقة بالأحزاب والأشكال السياسية لعدم قدرة هذه الأشكال على التفاعل مع الجماهير أو التعبير عن مطالبها وانشغال الحركات الجماهيرية التي عولت الجموع عليها مثل حركة كفاية وشقيقاتها هذه الحركات انشغلت في الأونة الأخيرة بأمور هيكلية وخلافات شخصية ابعدتها عن المهمة التي تأسست من أجلها.

هذه الأمور وغيرها مهدت الأرضية كي تصنع الجماهير رمز من خارج كل هذه الأطر وبعيدًا عن الفساد والتردي لقد صنعت الجماهير الرمز المتاح على أن يكون الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل فقد وصل الإحباط حدًا لم تعهده الشعوب، ووصل اليأس مستوى لم يصله في تاريخ هذا الشعب ناهيك عن ضياع منظومة القيم نتيجة انتشار الفقر بشكل مذل ومهين أن أكبر تعبير عن طلب الناس للخلاص جاء في مخاطبة سيدة مصرية بسيطة على مشارف الثلاثينات من العمر وهي تستغيث مخاطبة البرادعي ومنى الشاذلي كونوا معنا لا تتركونا أنا في العشرينات وأصيبت بالسرطان من التلوث والفساد هذا هو مجمل الخطاب في الالتفاف حول البرادعي.

ان البرادعي الذي يصنع منه الناس رمزًا لن يستطيع أن يكون فاعلاً بهذا فقط فأمامه مهمة أساسية تتمثل في جعل الجمعية الوطنية التي أعلن عنها بمثابة تجمع لتوحيد كل القوى المعارضة والمطالبة بالإصلاح على أن تكون مهمته الأولى تعديل الدستور ليسمح بتداول حقيقي للسلطة وبديمقراطية حقيقية وبعد ذلك يقرر أن كان سيترشح أما يختار التجمع شخص آخر، وهذا لن يعيبه فالرمز شيء والرئيس شيء آخر وعليه أيضًا الارتباط بالشارع وليس بالنخبة فقط ليفهم ما يريد الناس ويشعر بمعاناتهم ويستوعب أمالهم بعد ذلك وقبله عليه أن يساهم مع الجمعية الوطنية في وضع برنامج انتقالي لخطة عمل لإخراج مصر من عثرتها والقضاء على الفساد وإعادة المواهب المصرية لمكانتها في الإبداع الفكري والعملي والذي سبق له أن أقام حضارة ومدينة عريقة.

أن هذا الشعب المعلم كما وصفه جمال عبد الناصر قادر على صنع ملامح يعجز عن استيعابها الخانعون، وان كان قد أبعد جبرًا عن ممارسة دوره فإن أي قيادة تريد أن تسوسه بنجاح عليها أن تعيد إليه دوره وكرامته وتوقظ من جديد روح المواطنة لديه والتي استطاع الفساد أن يجعلها هي والانتماء أشبه بالرجل المريض.

ان امال الناس ليست في البرادعي الشخص بل في الإصلاح ولانقاذ وقد جاء البرادعي في وقت زادت فيه المعاناة وبلغ السيل الزبي لقد صنعت الظروف من الرجل أسطورة فهل يقدر على تحمل تبعات ذلك؟


haneen_diab@hotmail.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية