مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الفساد والضرائب
...............................................................

 

أحمد دياب

 

بقلم:أحمد عبد الحكم دياب
.............................

كنت مثل غالبية أبناء هذه القرية الصابر أهلها أتابع المناقشات الدائرة حول الضرائب والإعلانات باهظة التكاليف في الإذاعتين المرئية والمسموعة.. في نفس الوقت الذي بدأ يطرق الأبواب موظفو الضرائب العقارية يسألون عن السكن وتقدير ثمنه ولأي شريحة ضريبية سيخضع.. وبالطبع فإن أيا من المواطنين في كل بقاع العالم لا يرفض دفع الضرائب بل إن مصطلح «المواطن» أخذ يختفي من وسائل الإعلام وحل محله مصطلح دافع الضرائب بما يعني أن من يؤدي ما عليه في هذا المجال له حقوق لابد من تحقيقها وإلا توقف عن سداد الضرائب.. كما أن الدول التي تسمي متقدمة تقل فيها شريحة الضريبة وتزيد الخدمات نظرًا لضعف آلية الفساد فيها ونمو اقتصادها الصناعي والتجاري والصناعي ولفت نظر كاتب السطور أن تقريرًا لوكالة الأنباء الصينية يفيد بأن الزيادة العالية في الدخل الضريبي هناك ترجع إلي سير جميع دوائر الاقتصاد الصيني سيرًا سليمًا مما أرسي أساسًا متينًا لنمو الدخل الضريبي.

وهذا يعني أن قلة الضريبة علي الأفراد وزيادتها علي المؤسسات الصناعية والتجارية. ولقد كانت الجباية في صدر الإسلام تعتمد علي الصدقات والزكاة والجزية والخراج والمكوس وهي ما تسميه الآن بالجمارك وأخماس المعادن وضرائب الصناعة والضرائب بالمعني القانوني هي مبالغ من المال تقطعها الدولة من دخول الأفراد لتأمين الخدمات العامة.. ومن المتعارف عليه أنها تزيد بزيادة الدخل وتقل بنقصانه إلا في مصر المحروسة فدافع الضرائب هو الفقير المعدم والكبار لديهم من النفوذ والسطوة ما يحول دون ملاحقتهم ضريبيا بسبب الفساد المستشري.

والفساد ليس مسألة اقتصادية بل هو آفة تترك أضرارها علي البنية الاجتماعية والسياسية والثقافية، وتؤدي إلي تلاشي هيبة القانون.. هذا الفساد في مصر هو الذي أدي إلي تركيز الثروة في أيدي فئة تجيد استغلال الأنشطة التي لا تتسم بالشفافية وبها من الأعمال غير المشروعة ما يندي له الجبين.. وهذا ما أشاع روح اليأس بين أبناء مصر المحروسة وخاصة الشباب الذي يجدون أمامهم مستقبلا غامضا في وقت تنفق فيه المليارات والملايين علي الزواج من أميرة أو التخلص من فنانة.. أن إساءة استخدام الموارد وزيادة الانفاق الحكومي وتخفيض الانتاج الزراعي والصناعي وانخفاض معدلات التنمية وزيادة نسبة الفقر وانهيار البنية التحتية في المجالات جميعها كان أهم ثمار الفساد في بلد الطيبين مصر..

أن الثراء الغامض كان يثير حفيظة الكثير من المصلحين والعلماء فمثلاً يذكر المسعودي في كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» نصًا هو : «وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال فنثرت البدر حتي حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيرًا لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون.. فقال كعب الأحبار: صدقت يا أمير المؤمنين، فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم وقال: يا ابن اليهودي تقول لرجل مات وترك هذا المال أن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع علي الله بذلك وأنا سمعت النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ يقول :«ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطا». لقد قال أبو ذر ذلك وهو يعرف من يكون عبد الرحمن بن عوف.. فما بالك بشذاذ الآفاق الذين يحاولون الاستيلاء علي الأخضر واليابس؟ ثم ما هو موقف الضرائب منهم وخاصة الضرائب العقارية ؟وهل سيعامل أصحاب القصور مثل ساكني القبور؟

 لقد عين محمد علي باشا باسليوس ابن المعلم غالي ابو طاقية مديرًا لحسابات الحكومة رغم أن والده كان يعمل لدي عدوه اللدود محمد بك الألفي لكنه تغاضي عن ذلك لبراعة غالي من أعمال الحسابات والجباية واستمر المعلم غالي يعمل أكثر من ثلاثين عامًا إلي أن ذهب مع إبراهيم باشا ابن محمد علي إلي زفتي واستمع إلي شكوي الأهالي من الأعباء الملقاة علي كاهلهم وعندما طلب منه بعض التعديلات رفض وقال أنه لا يتلقي التعليمات إلا من الباشا محمد علي فأخرج إبراهيم باشا مسدسه وأرداه قتيلاً.. بقي أن نعرف أن المعلم غالي هذا هو الجد الأكبر لوزير مالية مصر الحالي يوسف بطرس غالي.. الذي لا تعرف ممن يتلقي تعليماته.. إننا لسنا من المتخصصين في الاقتصاد، لكننا من المهمومين بما يعاني هذا الشعب البطل والتي أدت إلي زيادة وتيرة الاحباط واليأس والتغاضي عن الفساد وانعدام ش والابتكار والابتعاد عن الإنتاج والتقدم.. أن هذه الجوقة من الفاسدين التي سيطر بعض منها علي بعض أوجه اقتصاد مصر، واستحوذت علي السلطة التنفيذية.. هذه الجوقة ليس لديها ولاء إلا لمنظومة الفساد فقط ولا تعترف بالوطنية أو الكرامة وكلما قلت الموارد فعلوا مثل المماليك والانكشارية العثمانية بزيادة الجباية علي الحرفيين والمهنيين والفقراء.. لكن أهل زفتي سبق لهم وأن وصلوا صوتهم لعنان السماء ووضعوا فكرة جمهورية تقوم علي أساس من العدل الاجتماعي وكان ذلك في زمن أجداد يوسف غالي.

haneen_diab@hotmail.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية