مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الشبع أساس الحكم: الكوسة في مصر والبطاطس في إيران
...............................................................

 

أحمد لاشين

 

بقلم : أحمد لاشين
....................

ولما الإستغراب!! ألا نعلم جميعنا ما هي الكوسة في مصر ، الكوسة...!،أظنها غنية عن التعريف،هي ذلك النبات المظلوم معنا منذ لحظة ولادته إلى مماته ،عندما كان صغيراً كنا نسقيه مياه غير صالحة للشرب نسميها مياه الصرف الصحي..ولما يكبر نظلمه ..ونظلم نفسنا معاه..ونحاول أن نأكله ونجبر أطفالنا أن يأكلون معنا...يعني هنكله لوحدنا!!!....وكمان لما يموت..نسوء سمعته وتاريخه ونقول إن الكوسة هي السبب في كل الفساد المصري..وتتحول كل بلاوينا فجأة إلى تعبير له دلالة واحدة ..وهي الكوسة..ومن الممكن أن يدخل في الموضوع القرع . ..فنُلخص موقفنا من النظام مثلاً إن كله قرع...وأحياناً يتطاول السفهاء منا على الدنيا بأكملها..ونقول الدنيا زي الـ... ..،حتى أن فتاوي التحريم الذي أصدرتها الجماعات الإسلامية قد شملت أول ما شملت في مرحلة ما من تاريخنا الأخضر تحريم أكل الكوسة والخيار...بس المهم مقالوش القرع!!.. يبدوا أن للشعب المصري بمختلف تياراته علاقات تارخية مشينة للغاية مع فصيلة القرعيات بشكل عام.هي دي مصر بإختصار،..سوق كبير للخضار.
كنت أظن هذه المشكلة تخصنا لوحدنا ـ إحنا المصريين ـ وكنت في غاية الخجل والكسوف..ولكني وجدت ما يريح البال،ويؤكد لي إن مصر لسة بخير....فبحكم تخصصي في الدراسات الإيرانية، ومن خلال متابعتي الدؤوبة للشأن الإيراني الأخير وأزمة الإنتخابات..وفوز الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمرة ثانية رغم كل الفساد والتضخم ،وكل المذابح والمظاهرات والمحاكمات وغيره..نجح نجاد في إمتحان الإنتخابات الأخير..واحتارت وكالات الأنباء والمراكز البحثية...والدنيا قامت ،أحياناً يقولون تزوير..لأ.تلاعب بنتائج..لأ الحرس الثوري والولي الفقيه..لأ هو الشعب الإيراني بينكر النعمة،ولم يعلم أحد السر.
ولكني ببحث مستمر، وبتحليل هادئ تمكنت من معرفة الحقيقة،وكانت صادمة بالفعل..إنها البطاطس..!!! تاني هنستغرب! .. هذه هي الحقيقة للأسف..سأحكي لكم الحكاية وهي حدثت بالفعل ومدونة في الصحف والمواقع الإيرانية،..في مرحلة الإعداد للإنتخابات للفترة الثانية وأثناء الفترة الاولى لنجاد اعتاد أن يذهب إلى الشعب ولكن أي شعب!؟،تلك الطبقة التي تعاني الأمريين والتي لا تستطيع أن تفرق بين الألف ..والبطاطس،الكادحين والمهمشين، اللذين يسكنون على عشوائيات إيران والمناطق الجنوبية والحدودية والتي أغلبها مناطق صحراوية غير صالحة للحياة من الأساس،يحاول أن يُعّرفهم بنفسه ويحكي لهم قصة الثورة الإيرانية منذ البداية،ويخبرهم أن المهدي المنتظر قد وأوحى له أن يذهب في (سكة اللي يروح .....) ، ويتلمس مشاكلهم ويجيب طلباتهم أياً كانت،وكأنه طالع من الفنوس وليس رئيس جمهورية.
المهم حتى لا أطيل عليكم...في ذات مرة أخذته أقدامه إلى بلدة صغيرة على الحدود الإيرانية،منطقة قاحلة للغاية وفيها مشكلة غاية في الأهمية،وهي البطاطس،..جلس الرئيس الإيراني مع شيخ عجوز من شيوخ البلدة،وسأله يتمنى إيه؟؟..وما هي مشاكله..إبتسم الرجل العجوز في وقار ووضع يده على كتف الرئيس الإيراني،ودعى له بالتوفيق وامتلأت عيناه بالدموع.. ووشوشه ..وقال له أمنيته..وكانت المفاجأة ..أمر الرئيس أن تحول أكبر كمية ممكنة من المخزون الإستراتيجي للبطاطس في إيران إلى هذ البلدة..ونشرت الصحف الإيرانية بعد ذلك أن أمنية الشيخ كانت رغبته في أكل البطاطس، فقريته لا تزرع البطاطس لأن أرضها غير صالحة وطرق المواصلات سيئة ويعيشون على الكفاف وما يربونه من حيوانات بسيطة،وإن نفسه في البطاطس.فتغافل الرئيس الإيراني عن كل تلك الأزمات ورأى أن الحل الوحيد في نقل البطاطس فهذا مطلب شعبي لا يمكن التهاون فيه!!!.وفي يوم الإنتخابات الرئاسية أرسلت الحكومة حافلات وعربات نقل لهذه البلدة ولغيرها من البلدان الإيرانية البسيطة حتى تحملهم لصناديق الإنتخابات لينتخبوا نجاد بلا منازع،فمن يستطيع أن يوفر البطاطس هو الرئيس الحق للبلاد.
حقيقي كانت صدمة،فكل تحليلاتنا طلعت نيجاتيف،وكل ما كتبت وغيري في أزمة الإنتخابات الإيرانية لم تكن طريقنا إلى الحقيقة،فقررت أن أستكمل بحثي،وسألت أحد أساتذة الدراسات الإيرانية المشار إليهم بالبنان،فأكد لي في جملة واحدة ما تغافلنا عنه جميعاً،ماذا يهم الشعب الإيراني بل كل شعوب العالم من حكم أو بما يحكم فطالما المعدة خاوية فكل الحكام فسدة،وحينما تمتلئ فالدنيا بخير،فلا معنى لأسمى معاني الديمقراطية التي يتصارع عليها النخب في إيران وغيرها في حالة الجوع،الشبع هو أساس الحكم.
ولكن أستاذي تغافل عن أن مثل تلك الشعوب لن تملك أقادرها بالفعل،طالما تنتظر عفريت الفانوس يأتي لها بما تشتهيه الأنفس لتأكل وتنام..فنجاد قد تعامل مع شعبه بمبدأ (إطعم الفم تستحي العين)،والشعب رد له الجميل (احيني النهاردة ..ومش مهم بكره).شعوب تتسول قوت يومها من حكامها اللذين ينتخبوهم..لابد وأن تكون حياتها بالكوسة والقرع..وأخيراً البطاطس،فالهم واحد والملل مشترك.وتذكرت جملة الفنان محمود المليجي في اسكندرية ليه وعايزّني أكسبها!!!!.
وأخيراً يبقى سؤال،لو كنت مكان الراجل العجوز في الحكاية السابقة: ماذا كنت ستطلب؟؟

أكاديمي مصري
ahmedlashin@hotmail.co.uk

لنفس الكاتب:

الإعلام الديني وأوهام جنرالات الطائفية


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية