مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 أيها المصريون .. لا تحرقوا أنفسكم فلن تصنعوا ثورة بالانتحار‏

 

مبارك

 

أبو بكر الصديق سالم
........................


لقد قتل كثير من المصريين تحت التعذيب .. ولم تحدث ثورة أو انتفاضة أو حتى مظاهرة ذات قيمة . وما زال التعذيب مستمرا , ولقد قتل حوالى ألف مصرى غرقا فى حادث عبارة ممدوح اسماعيل ولم تحدث ثورة . وقد احترق المئات فى حادث قطارالصعيد .. وما زالت حوادث القطارات مستمرة , ويقتل عشرات الألاف من المصريين سنويا على الطرق السريعة والبطيئة .. وما زال نزيف الأسفلت مستمرا , ويقتل الآلاف من المصريين بأمراض الكبد والفشل الكلوى والسرطان .. ومازال العرض مستمرا , ويقتل المئات سنويا تحت أنقاض العمارات المنهارة .. وما زالت عشرات الآلاف من العقارات آيلة للسقوط على سكانها , ويقتل عشرات الأبرياء وغيرهم على أيدى الإرهابيين سنويا .. ومازال خطر الإرهاب قائما .

وأسباب ومسببات القتل فى مصر كثيرة مثل اى بلد فى العالم , ولكن الفرق أن المواطن المصرى يقتل أو يموت هباءا , فلا سعر له ولا قيمة ولا وزن , وفى معظم الأحوال يحكم على القتيل أو الميت بأنه كان غلطان (مخطئ).
والمصريون أنفسهم يقدمون على الانتحار يوميا بأكل الأطعمة الفاسدة والمسرطنة وبتخطيهم لخطوط السككك الحديدية خارج وداخل المدن , كما يتخطون الطرق الرئيسية داخل المدن وخارجها ولا يستخدمون الكبارى إن وجدت , وإن وجدت فمعظمها لا يصلح للاستخدام .

والخلاصة أن المصرى يعيش حالة من الانتحار اليومى . . فحوادث الانتحار الحقيقية لا تؤثر فى مشاعره مثل الشعوب المرفهة .

ولذلك فلن يستقيل أو يقال أى وزير فى مصر بسبب مقتل حتى الآلاف من المصريين لأى سبب , ولكن لو قتل سياح أجانب كما حدث فى الأقصر فى 17 نوفمبر 1997 فإن وزير الداخلية يقال فى موقع الحادث وتاريخه .

واستقالة وزير أو استقالة حكومة لن تحقق شيئا لشعب لا يملك إرادته ما دام النظام القائم فاسداومستبدا ومتشبثا لآخر قطرة من دم الشعب بالسلطة . فما اكثر السدنة الذين ينتظرون أن يأتيهم الدور فى طابور الخبز الوزارى والمناصب العليا . فعجلة الحكم لا تكف عن الدوران فى مجالها المرسوم .
إن الانتحار لا يصنع ثورة فى ظل نظام فوقى مستبد يعتبر الشعب والمعارضة الوطنية مجموعة من الأصفار .

فالثورة يصنعها العقلاء الإحرار ولا تتحقق بالانتحار.
وهناك فرق كبير بين الانتفاضة والثورة , فالانتفاضة هى طفرة شعبية تلقائية تؤججها مشاعر غضب فى سبيل تحقيق نتائج وقتية , ويمكن أن تحقق شيئا محدودا , ولكنها لا تصنع أو تغير نظاما , وربما تستأنس .. أو تخمد .. أو يلتف عليها من النظام الحاكم أو من بقاياه كما هو الحال الآن فى تونس .. وربما تكون مقدمة للثورة .

أما الثورة فهى فكر وقيادة وكوادر واعية وتخطيط وتنظيم , ونظام يطرح نفسه مستندا إلى قوى الشعب المتناغمة مع أهداف الثورة وتطلعاتها. والثورة لها القدرة على تغيير النظام وإحلال نظامها الثورى بطريقة ديناميكية لملء الفراغ بعد الإطاحة بالنظام القديم .

ولكن النظام المصرى صاحب خبرة وحنكة وذكاء فى التعامل مع الشعب ومهاتراته فهو خبازه وعجانه وآكله , لذلك لم تفلح أحزاب المعارضة الغبية فى كسب اى مواقف أو مواقع من حكومة الحزب الوطنى , ولعبت بها الحكومة كما يلعب القط بالفأر. وكانت ثمرة هذا الذكاء الحكومى الألمعى وغباء المعارضة الإمعى أن تفرد الحزب الوطنى بمقاعد البرلمان وأقصيت المعارضة الرسمية والشعبية نهائيا من الساحة السياسية , لأن قوى المعارضة الحزبية كانت واهمة وطامعة فى مصالح ذاتية ولا تعرف أصول اللعبة وشاركت فى انتخابات معدة إعداد جيدا لدحرها وتمريغ أنفها فى التراب, وكان الأجدر بها أن تقاطع الانتخابات نزولا على طلب الجماهير الغفيرة بدلا من أن تشارك فى صنع النتيجة لغير صالحها ولغير صالح الشعب , ولن تفلح الأصوات التى تتهم الحكومة بالتزوير فى الانتخابات فى تغيير أى شئ من الواقع بعد أن حدث , فقافلة الحكومة تسير فى طريقها الذى رسمته وآمنت به , وهو أن الشعب المصرى لا يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه كما تقول الديموقراطية فهذا ترف لا يتمتع به إلا الشعوب الغنية والواعية, والنظام له قناعته الخاصة أن هذا الشعب بين فقير ومستفقر , ومتطلع ولا يشبع ولا يملأ عينه إلا التراب , ولا يؤمن جانبه إلا بالضغط المستمر على رأسه, فلو تركته انطلق فى وجهها كالياى(السوستة) لذلك فالنظام جعل من نفسه وصيا على شعب يعتبره قاصرا , ومفروض عليه تقديم الولاء والطاعة لمن يتفضل عليه بإطعامه وكسوته وتكفينه . كما أن النظام خلق لنفسه قاعدة قوية وضخمة من الرأسماليين التقليديين والمشبوهين والمصطنعين لتنفيذ سياساته الإقطاعية المسيطرة على الاقتصاد وموارد البلاد الذى يصب فى جيوب اصحاب السيادة , وخلق قاعدة من ترزية القوانين وكتاب السيناريوهات الشيطانية لتغليف سياسات الحكومة بالشرعية والحكمة الكاذبة فأصبحت الحكومة بجميع أجهزتها التنفيذية والتشريعية جبهة لردع الشعب عن التطلع إلى الفهم أو المطالبة بحقوقة الإنسانية والوطنية.

وكما كان النظام الناصرى فى وقت ما يستغل شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لإسكات المعارضة , أستغل النظام الحالى فزاعة الإرهاب والجماعات الإسلامية والفتنة الطائفية والأزمة الاقتصادية فى تدويخ الشعب وإسكاته وتلجيمه بقانون الطوارئ , كما تميز النظام المصرى بالبرود والنعومة المسمومة فى مواجهة الإصلاح والتغيير فهو يخطط بدهاء لسحب البساط من تحت أقدام قيادات المعارضة الشريفة وتشويه صورتهم أمام الجماهير , ويرفض رفضا تاما تعديل الدستور بما يحقق تداول السلطة سلميا وديموقراطيا , ويرفض تحديد مدة الرئاسة لفترتين فقط , وجعل من نفسه المتصرف الوحيد فى السلطة والحكم رغم أنف الجميع .
لذلك فإن اختيار الموت حرقا من أجل إشعال انتفاضة أو ثورة فى مصر هو عمل أخرق وبلا جدوى , فما حدث فى تونس لا يمكن القياس عليه فى مصر , فالمجتمع التونسى يختلف فى مقوماته عن مقومات المجتمع المصرى , حيث أن الترابط الفئوى والعشائرى الاجتماعى فى تونس أقوى من ترابط المجتمع المصرى ببعضه وله قوة مؤثرة بالرغم من الفارق الهائل بين تعداد سكان تونس عنه فى مصر. بالإضافة أنه لا يوجد فى تونس لعب على الوتر الطائفى أو الإرهاب .

لقد كان يأمل الشعب المصرى أن ينعم بالرخاء الذى وعده به الرئيس الراحل أنور السادات بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل ولكنه تأكد بعد ذلك أن هذا الأمل كان سرابا بعد أن تدهورت أحواله الاقتصادية والاجتماعية والفكرية , وأن أحواله قبل السلام مع إسرائيل كانت أفضل من جميع النواحى خاصة أن اتفاقية السلام أفقدت الشعب المصرى كرامته ووطنيتة , بينما حصلت إسرائيل على أكثر مما كانت تحلم بتحقيقة فى المنطقة وزادت من قوتها وعنفوانها فى المنطقة . مما أصاب غالبية الشعب المصرى بحالات من الانفصام واليأس والخنوع والغصب المكبوت ...

لذلك بات من الواضح أن التغيير فى مصر لن يحدث إلا بمعجزة تتخطى كل التوقعات والحدود, فكيف تغير شعبا وتنشله من حضيض الأنانية والجهل والخوف والاستكانة – ولقد صرح وزير الخارجية المصرى :أن من يقول أن ماحدث فى تونس يمكن أن يمتد إلى مصر بأنه كلام فارغ , ومعه حق فى ذلك حسب زعمه لأنه يعرف قوة قبضة النظام المصرى ويعرف محاذير الشعب المصرى الطيب الخنوع .!

لقد كانت مصر فى مواجهة عسكرية مع إسرائيل من عام 1952 حتى عام 1973 ( 21 عاما ) وحققت مصر نموا مضطردا فى مجالات كثيرة وحققت اقتصادا قويا فى هذه السنوات خاصة فى الستينات من القرن الماضى بفضل قوة الانتماء وروح الوطنية العالية برغم كل الصعاب التى واجهها الشعب المصرى من أجل البناء وتوفير الطاقات والأموال للمجهود الحربى ولكنه لم يشكو ولم يتألم بل كان يقوم بالمظاهرات لاستعجال الحرب مع إسرائيل طلبا للثأر .

وتوقفت الحرب العلنية والساخنة بين مصر وإسرائيل من عام 1973 حتى الآن (37 سنة) ولم تحقق مصر أى تقدم اقتصادى يعود على الشعب بالأمن والرخاء الموعود , وجأر الشعب بالشكوى وتلوى من الألم والقهر برغم توقف الحروب مع إسرائيل التى ادعوا أنها كانت تستنفذ كل أموال مصر وطاقاتها , فأين ذهبت هذه الطاقات وهذه الأموال بعد أن توقفت الحروب وانهالت المعونات العسكرية من أمريكا سنويا على مصر .
إن شعب مصر يميل بطبعه للسلام الاجتماعى ويكره العنف , ولا يحبذ التغيير بالقوة والبطش والعدوان , وهذه صفه يحمد عليها ولا يجب أن تستغل فى البطش به وإهدار حقوقه المشروعة التى يحرم منها , فلكل شئ حد ومقدار على التحمل فإذا زاد الضغط عن حد التحمل أدى إلى الانكسار أو الانفجار , فهل يراد للشعب المصرى أن ينكسر أم ينفجر ؟ لن ينكسر الشعب المصرى لأنه شعب لين لا ينكسر.. ولكنه قادر على الانفجار!


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية